نظمت أمس، وقفة ترحم على فقيد الأغنية التارقية الفنان الراحل عثمان بالي وذلك بمسكنه العائلي الذي شهد مولده سنة 1953 بأوبالو بجانت (إيليزي) بحضور ممثلين عن الجمعيات الثقافية والفنية بالمنطقة. وبهذه المناسبة التي تمثل إحياء الذكرى الثالثة لرحيل عثمان بالي نظم بالمركز الثقافي بإن فري بجانت معرض حول حياة والمسار الفني لعثمان بالي، حيث جرى تقديم العديد من المقتنيات الشخصية التي تعود للفنان من بينها آلة العود التي فقدت أنامل هذا الفنان القدير. ومعلوم أن عثمان بالي كان قد توفي عن عمر يناهز 52 سنة إثر فيضان أحد الأودية ليلة الجمعة 17 جوان 2005 بمنطقة الطاسيلي ناجر جراء أمطار طوفانية تهاطلت حينها على المنطقة. وقد جرفت مياه وادي ايجريو الذي يعبر مدينة جانت سيارته ذات الدفع الرباعي حيث انتشلت مصالح الحماية المدنية جثته في اليوم الموالي وووري الثرى في مقبرة أغنوم على بعد كيلومتر واحد من جانت. ''وكان بالي فنانا موسيقيا وشاعرا في آن واحد حيث أن العديد من النصوص مستمدة من العادات والتقاليد الشفاهية لقبائل التوارق سيما منها التيسيوايس باللهجة المحلية والعربية والفرنسية". كما أكدت أرملة المرحوم السيدة زينب عثماني: "أن زوجها كان يتميز بالحس الرهيف والإنسانية" - قبل أن تضيف أن رائد الأغنية التارقية "يبقى دائما حيا في قلوب كل الجزائريين خصوصا أولئك المتواجدين بالجنوب الكبير وبجانت" . ومن جهتها صرحت ابنته هدى عثماني البالغة من العمر 25سنة والحائزة على شهادة الليسانس في الفرنسية والمغنية أيضا أن " والدها ترك برحيله فراغا كبيرا وسط عائلتها الصغيرة وأيضا على مستوى العائلة الكبيرة للتوارق بالجنوب الكبير - مشيرة - إلى أن يوم فقدان أبيها كان بالنسبة إليها "يوما حزينا وهو اليوم أيضا الذي تحصلت فيه على شهادة الليسانس بجامعة ورقلة" . وأضافت الابنة هدى أن "الفن كان بالنسبة لعثمان بالي بمثابة تاريخ عائلة وأن والدته خديجة التي تعد من كبار فناني التيندي هي التي نقلت إليه هذا النوع من الموسيقى التارقية ونقلت إليه في نفس الوقت الحياة أيضا" . وقد اكتشف الفنان آلة العود في بداية السبعينيات عندما كان يشتغل كتقني سامي في مستشفي إفري وبعدها انهمك في كتابة النصوص بالتماشاك اللغة البربرية التي يتحدث بها التوارق. كما كتب نصوصه بالعربية فضلا عن بعض المحاولات المكتوبة باللغة الفرنسية . وساهم هذا الفنان الموهوب ككاتب ومؤلف ومترجم في الكشف عن التراث الموسيقي في الجزائر وعبر العالم أجمع حيث قادته جولاته الفنية حتى إلى اليابان كما عمل على تجديد فن التيندي مع الإبقاء عليه مرتبطا بعمق بالتقاليد. واستطردت ابنته قائلة: "أن الجزائريين الذين عرفوا فنه منذ مدة لاشك وأنهم متأثرين لغيابه" - مشيرة - إلى أن الصحراء "لا يمكن لها أن تنسى طفلها العزيز ونفس الشيء بالنسبة للكثبان الرملية التي تبقى تحتفظ هي الأخرى بآثار خطواته تماما مثل الرياح أيضا التي ستظل تغني له" . (و.أ)