أكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن الجزائر فرضت دورها الريادي باستخدام خبرتها في مكافحة الإرهاب، مؤكدة مساندتها المطلقة لجهود تطبيق مذكرة الجزائر في مجال منع دفع الفدية، وتوسيع دورها القيادي الجهوي، ونقل المعرفة لأعضاء الاتحاد الإفريقي بخصوص كيفية التصدي للظاهرة. جاء ذلك في مداخلة ألقاها سفير الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر هنري أنشر، تلقت "المساء" نسخة منها بمناسبة تنظيم الورشة الإقليمية حول منع دفع الفدية التي احتضنتها الجزائر أول أمس، حيث أشار السفير إلى أن الموقع الجغرافي الهام للجزائر، وإرادتها في عرض خبرتها وتنظيم دورات تكوينية إلى جانب استضافة ورشات جهوية، كما هو شأن ورشة "الاختطاف للحصول على فدية"، تساعد بلدان الجوار في بناء قدراتها وضمان استقرار أكبر في منطقة الساحل والمغرب العربي، غير أن ذلك يستدعي انتهاج استراتيجية حاسمة على المدى الطويل، للتصدي بفعالية للإرهاب. وحث الدبلوماسي الأمريكي كل الدول على أخذ مذكرة الجزائر حول منع الفدية بعين الاعتبار؛ كون هذه الأدوات العملية من شأنها تعزيز المجهودات الدولية لدحض ظاهرة الاختطاف للحصول على فدية كوسيلة للتمويل، مضيفا في هذا الصدد، أن المذكرة متناسقة مع سياسة الولاياتالمتحدة، التي لا تتنازل لصالح مطالب الخاطفين، الذين يتوجب تقديمهم للعدالة. ولفت في هذا الصدد إلى أن واشنطن ومجلس الأمن الأممي ومجموعة الثمانية، أيّدت «مذكرة الجزائر" المعتمدة من طرف الاجتماع الحكومي للملتقى الدولي حول مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، المنعقد في ديسمبر 2012، معبّرا عن امتنانه للجزائر من أجل الالتزام بتأمين تطبيق الممارسات الجيدة المضمونة في المذكرة. وإذ شدّد على ضرورة الالتزام بتقليص حصول الجماعات الإرهابية على التمويل الذي يمكّنها من البقاء والتجنيد، فقد دعا السفير أنشر إلى ضرورة التصدي لظاهرة الاختطاف للحصول على فدية، ليس فقط من خلال التنسيق الثنائي، بل أيضا عبر تنسيق جهوي ودولي. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية من أولى الدول التي أيّدت مبادرة الجزائر حول منع دفع الفدية على مستوى مجلس الأمن الأممي، بل لم تتردد في توجيه نداءات للمجموعة الدولية من أجل وضع حد لهذه الظاهرة. ففي هذا الصدد، سبق لسفيرة الولاياتالمتحدة السابقة لدى منظمة الأممالمتحدة سوزان رايس، أن أكدت على ضرورة التجند الجماعي ضد الآفة، انطلاقا من أن "فقدان وضياع حياة آلاف الأشخاص يذكّرنا بأن آفة الإرهاب تمسنا جميعا، وأن مكافحتها تتطلب إرادتنا المتقاسمة وجهودا مشتركة"، في الوقت الذي أكدت تأييدها لموقف الجزائر، القاضي باعتماد مقاربة إجمالية "لا تدرج الجهود التكتيكية وتعزيز القدرات من أجل مواجهة الاعتداءات وتفكيك الوسائل التي يتوفر عليها الإرهابيون فحسب، بل بالقيام بمبادرات استراتيجية". وذهبت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى حد فضح سياسة الكيل بمكيالين لدول أوروبية دفعت الأموال للإرهابيين، مقابل الإفراج عن الرهائن، مثلما جاء في تصريحات السفيرة الأمريكية السابقة في مالي فيكي هادلستون. وتبرز تداعيات الإخلال باللائحة من قبل بعض الدول في الوضع الذي تشهده منطقة الساحل، التي عرفت لسنوات عمليات إرهابية مختلفة؛ حيث كان الإرهابيون يتخذون من الفدية وسيلة لتمويل عملياتهم الإجرامية. وقد تجسّد التأييد الأمريكي لمقاربة الجزائر في طريقة التعامل مع الإرهابيين خلال الاعتداء على المنشأة الغازية بتيقنتورين مطلع السنة الماضية؛ إذ رغم وجود ضحايا أمريكيين خلال هذا الهجوم الإجرامي، إلا أن واشنطن تمسكت بموقفها الثابت الرافض التفاوض مع الإرهابيين خلال احتجاز الرهائن. فبعد المعارضة التي لقيتها العملية التي قامت بها قوات الجيش الشعبي الوطني من قبل بعض الدول الغربية التي وصفت الخطوة بالمتسرعة، إلا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية خالفت مواقف هذه الدول، التي لم يكن لها أي خيار بعد النتائج الإيجابية التي حققتها العملية سوى التراجع عن تحفّظاتها، لا سيما أنها تُعد من أعقد العمليات التي يصعب التكهن بمصيرها؛ من منطلق أنها وقعت في منطقة حساسة.