يظن معظم الناس أن الإدمان يقتصر على الكحول، التبغ والمخدرات، غير أن الأبحاث اليوم تشير إلى أن هناك إدمانا من نوع آخر؛ الغذائي الذي يكمن في بعض المحتويات الموجودة في الوجبات السريعة، والتي يمكن أن يكون لها نفس تأثير الإدمان، للأسف. خلال تنقلنا بالعاصمة بين محلات الوجبات السريعة الكثيرة والمختلفة في تقديم الأكلات المتنوعة بين البتيزا، الشيز، البورغر والبانيني، لاحظنا أن الإدمان الغذائي مس نسبة معتبرة من المستهلكين، خاصة الفئة العمرية بين 5 إلى 25 سنة التي تميزت عن باقي الفئات بترددها على هذه المحلات بشكل منتظم، حسبما أكده لنا أصحاب المحلات، خاصة العصرية المتبوعة بمشروبات غازية.. وخلال حديثنا لبعض المستهلكين من الشباب، المراهقين والنساء، أشاروا إلى أن ضيق الوقت هو السبب المباشر في الإقبال على الوجبات السريعة، حيث أكد لنا يوسف 27 سنة موظف بالبنك، أنه يضطر إلى تناول غدائه على عجالة للعودة إلى مكتبه بالبنك، فالزبائن يتدفقون في كل الأوقات، مما يستوجب حضوره هناك، لذا يجد في محل البيتزا بنفس الشارع الذي يعمل به، ملاذا له. وهناك أمهات ماكثات في البيت يفضلن الوجبات السريعة على تحضير طبق غني بالفيتامينات في البيت، خاصة أن الأكلات الجزائرية معروفة بفوائدها الغذائية الجمة، حيث أشارت بعض السيدات ممن قابلناهن بمحل لبيع الأكلات الجاهزة، أنهن يجدن في البيزا والبرغر مفرا من المطبخ الذي يأسرهن. وإذا كثر عدد المدمنين على الوجبات السريعة، فهناك من يدرك قيمة الحفاظ على صحته، لذا نجد من يفضل إحضار الطعام من البيت حتى يستفيد صحيا وماديا، لأن الأطعمة الجاهزة تكلف المستهلك، خاصة إذا كانت بصفة منتظمة. حدثنا أربعيني عن أهمية الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية من خلال الاعتماد على النمط الغذائي الصحي الذي يكفله الطعام المحضر في البيت فيقول: ”شخصيا أرفض تناول الطعام الجاهز، وغالبا ما أكتفي ببعض الفاكهة أو طعام أحضره معي من البيت، أتناوله في غاية الاطمئنان، خاصة أن هذا النوع من الأطعمة معروف بتسببه في السمنة ومنه ارتفاع الضغط والسكري في الدم”. أغلب الوجبات السريعة تحوي كميات معتبرة من الدهون التي تحفز الدماغ على إفراز مادة كيميائية تشجع على تناول المزيد من الطعام ، وما يميز هذه الأطعمة أنها غير صحية، حيث أكد البروفسور ديفيد كارتر، مدير مركز الأبحاث الوقائية أن الوجبات السريعة، غالبا ما تكون المواد المضافة إليها مستخدمة في صناعة المنتجات الغذائية المسببة للإدمان، فهي تحتوي على السكر، الدهون، الملح والكربوهيدات المكررة. وبهذا الخصوص يقول البروفسور مارك بيراير، أستاذ علم الأوبئة في كلية الطب في جامعة مينيسوتا الأمريكية: إن ”الوجبة السريعة مصممة لتستفيد من ميل الفرد الفطري إلى تناول الدهون، الملح والسكر، فهذه الوجبات تكون لطيفة التأثير في براعم الذوق في الفم، غير أنها تعد عامل خطر فيما يتعلق بالبدانة، السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية”. كما أشار بعض المختصين إلى أن الإقبال الكثير والمنتظم على هذه النوعية من الوجبات يضر بصحة المستهلك، خاصة أنها تسمم الجهاز الهضمي، حيث تكمن المشكلة في مكوناتها الغذائية الغنية بالوحدات الحرارية والفقيرة من حيث العناصر المغذية. كما أن كل من البرغر، البيتزا، الدجاج المقلي، شطائر السمك، البطاطا المقلية، المشروبات الغازية والحليب المخفق ..... كلها غنية بالسكر، النشويات المصنعة، الدهون المشبعة ودهون ترانس- الزيوت المهدرجة أثناء التحويل، كما أن المواد المضافة إلى الأطعمة السريعة المعززة للنكهة والشكل لم تخضع للاختبار والفحص.