عرض المخرج رشيد بوشارب، أمس، بقاعة الموڤار، فيلمه الجديد ”طريق العدو”، بحضور أغلب أبطال الفيلم الذين يزور أغلبهم الجزائر لأول مرة. ويتناول الفيلم سيرة أحد المساجين الذي يحاول ولوج حياة جديدة تبعده عن ماضيه الأسود إلا أنه يفشل بعد الضغوطات الممارسة عليه مما يدفعه إلى نهاية مأساوية. يبدأ الفيلم بعرض تفاصيل خروج وليام غارنيت (فورست ويتيكر) من سجنه بنيومكسيكو بعد قضائه عقوبة 18 سنة سجنا، وتساعد السجين المفرج عنه إيميلي سميث (بريندا بليثين) وهي مراقبة قضائية تسعى جاهدة لاجتثاثه من عالم الجريمة بعد أن لاحظت إرادته القوية لتغيير حياته نحو الافضل من أجل الاندماج في المجتمع. أياما بعد إطلاق سراحه، يحاول وليام إثبات حسن نيته فيشرع في البحث عن عمل رغم الظروف الصعبة، ويجده في مزرعة لتربية البقر، ورغم المجهود الكبير الذي يبذله طيلة النهار إلا أنه كان راضيا بهذا الكسب الشرعي، لكنه يصطدم أحيانا بزملائه السجناء السابقين الذين يقيمون معه في مأوى عام، حيث يستفزه أحدهم فيقع في الفخ ويعود للعنف، إلا أن المراقبة القضائية تردعه وتعاقبه ويرضى بذلك كاعتراف بالخطأ. المأساة التي تواجه هذا البطل هو التقاؤه بالرقيب الذي يدير المدينة التي يسكنها بنيومكسيكو ويدعى بيل آغاتي (هارفي كتيل) الذي لم ينس أن هذا المسجون هو الذي قتل نائبه منذ 20 سنة فيلاحقه دوما ويسبب له المشاكل تلو الأخرى. اللحظات الجميلة عند السجين السابق بدأت منذ أن تعرف على فتاة هادئة ومتواضعة في المصرف الذي فتح به حسابا جاريا ليقتسم معها الحياة بعد أن يتردد في مصارحتها بماضيه وينجح في كسب قلبها وثقتها ويستعد لدفع حياته من أجلها. التهديد الآخر الذي يواجهه وليام هو رفقاء كانوا معه في السجن لايزالون يحملون النزعة الإجرامية، فيحاول أحدهم أن يستميله مجددا إلى شبكة تهريب بين الحدود الأمريكية - المكسيكية إضافة إلى العمل في مجال الهجرة السرية ويغريه دوما بالمال ويقترح عليه الهجرة إلى المكسيك ليدير أعمال العصابة لكنه يرفض في كل مرة. وذات مرة لجأ إلى صديقته كي تقنعه بالعمل معه وعندما ترفض ينهال عليها ضربا الأمر الذي يثير غضب وليام فينتقم ويجد نفسه يقتل هذا المجرم ذا الأصول اللاتينية لينتهي الفيلم نهاية مفتوحة توضح أن الالتزام الأخلاقي والديني والهدوء والإرادة كلها صفات سقطت في الماء بعد أن حاصر المجتمع هذا ”التائب”. بعد العرض صعد طاقم الفيلم إلى المنصة لتنشيط ندوة صحفية افتتحها المخرج رشيد بوشارب الذي أكد أن أبطال الفيلم يزورون الجزائر لأول مرة ليعبر بطل الفيلم فورست ويتيكر عن سعادته وهو يحط بالجزائر لأول مرة حيث لمس ترحيب شعبها وتمنى أن يكون في مستوى ذوق هذا الشعب. وفضلت الممثلة الأمريكية بريندا بليثين الترحيب بجمهور ”الموقار” بكلمة ”صحيتو” لتؤكد أن هذه هي الزيارة الثانية لها بالجزائر بعد 4 سنوات من الغياب وكان ذلك عندما شاركت رشيد بوشارب في فيلم ”لندن ريفر”. أما الفنان المكسيكي لوسي ڤوزمان فكان أكثر الجميع إعجابا بالجمهور والقاعة. أشار الممثل فورست إلى أنه شارك في الفيلم بعد أن قام بتجربة فردية للبحث في تفاصيل تهم بطل الفيلم، حيث قال إنه اتصل بإمام بولاية لوس انجلس كي يتدرب على أداء الصلاة والوضوء والنطق بالعربية. كما احتك مع السجناء في السجون الأمريكية الذين اعتنقوا الاسلام حديثا كي يلم بحياتهم وبالتالي يكسب القدرة على تجسيدهم كما هم في الواقع. قال فورست ”أجتهد في البحث عن أجواء حميمية مع الشخصية ليكون الانفعال صادقا ولكي أدخل إلى الشخصية بنجاح وبالتالي التمكن في الأداء”. حرص فورست أيضا على اتباع حمية غذائية، لإنقاص وزنه كي يعكس بحق حالة السجين الذي غالبا ما يخرج هزيلا، من جهة أخرى، أكد المتحدث أنه اجتهد هذه السنة، في تجسيد عدة شخصيات في أفلام كبيرة ولمخرجين معروفين مما نال من جهده لكنه سيرتاح نوعا ما في الموسم القادم. الممثلة ”بريندا” أشارت إلى أنها أحبت دورها فهي تجسد امرأة شقراء من أقصى الشمال الأمريكي تهاجر إلى الجنوب لتعيش حياة غير حياتها، والحقيقة أنها كانت تهرب من هزائمها الاجتماعية، والعاطفية لذلك تراها في الفيلم عندما تلازم بيتها تستمع إلى الأغاني العاطفية الفرنسية وتشرب الجعة على ضوء القمر والنجوم. التحقت للعمل بالجنوب الذي تقبل عليه الشرطيات المتقدمات في السن مثلها ومن هنا تعزف في العمل وتسعى لمساعدة الغير رغم أن ملامحها وسلوكها يبدوان قاسيين. أكد رشيد بوشارب أنه حاول الالتزام بشخصية البطل التي تعكس تهميش بعض الجاليات منها السود تماما كما يحدث في فرنسا عندما تهمش جالية الضواحي. موضحا أنه أعجب يشخصية فورست وموهبته إذ أن له قدرة عجيبة على التعبير الداخلي تفوق حدود السيناريو والحوار، كما استطاع أن يجسد حكاية الفرصة الثانية التي تبقى غير كافية. أكد المخرج التزامه بإيقاعه الخاص والذي غالبا ما يكون بطيئا نوعا ما ففي الفيلم يفتح الكاميرا ولا يحسب عامل الوقت كي لا يحاصر الممثلين والهدف من ذلك البحث عن اللقطة المناسبة والمطلوبة التي قد يغيبها أي تأطير زمني من المخرج، فأحيانا يبدع الممثل خارج الوقت (التصوير) ناهيك عن اهتمام رشيد بإيقاع ما بعد السيناريو، وحرص رشيد أيضا في هذا الفيلم على المشاهد البانورامية، لطبيعة الصحراء الفسيحة التي احتضنت غضب بطل الفيلم، كما اعتمد على مزاج وحالة البطل النفسية أكثر من اعتماده على السيناريو نفسه. في الأخير، أشار رشيد بوشارب إلى سعادته بهذه التجربة وبمساره الفني في الولاياتالمتحدة وفي تعاونه مع نجومها ومع بعض الوجوه من أمريكا اللاتينية، متمنيا أن يجمعهم مع نظرائهم الجزائريين عمل سينمائي جزائري، كما أكد أن ما يهمه ليس فقط الجوائز، رغم أهمية المهرجانات، بل في أن يؤسس لأفلام تتداولها الأجيال، مذكرا بأن فيلمه ”طريق العدو” سيعرض بالجزائر ابتداء من 7 ماي المقبل.