نفت السلطات الليبية، أمس، ما تردد عن وقوع محاولة انقلابية ضد السلطات الانتقالية على خلفية حالة الانسداد التي تعرفها ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي قبل عامين ونصف العام. وأثارت تصريحات جنرال سابق في الجيش الليبي ضجة كبرى في ليبيا بعد أن أكد بلغة الواثق من نفسه أن الجيش الليبي يخطط للإطاحة بحكومة الوزير الأول علي زيدان بمبرر عدم قدرته على الاضطلاع بمهامه وفشل نواب البرلمان في الخروج من الوضع الانتقالي الذي دخلته البلاد قبل ثلاث سنوات. وقال الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، احد العسكريين الذين انقلبوا على العقيد معمر القذافي أن المبادرة الانقلابية ترمي الى إنهاء عمل الهيئات الانتقالية. ولأن الخبر انتقل كالنار في الهشيم على شبكات التواصل الاجتماعي وأصبح حديث الساعة في ليبيا سارعت قيادة الجيش الليبي إلى نفي هذه الأخبار وأكدت أنها مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة. وقال العقيد علي الشيخي، الناطق باسم هيئة أركان الجيش الليبي، أن تلك الأخبار مجرد كذبة وطمأن أن الأوضاع في البلاد تحت السيطرة ولا توجد أية تحركات مشبوهة لوحدات الجيش النظامي. وخرج الوزير الأول، علي زيدان، عن صمته واصفا تلك الأخبار بالسخيفة والفاقدة لأية مصداقية في نفس الوقت الذي أكد فيه أن حفتر لم يعد ينتمي إلى صفوف الجيش الليبي بعد أن أحيل على التقاعد. وحملت تصريحات الجنرال المتقاعد تناقضا في محتواها عندما أكد في تصريح عبر الفيديو أن قيادة الجيش الوطني الليبي ستعلن عن مبادرة لخارطة طريق سيتم الكشف عنها خلال الأيام القادمة بعد التشاور مع مختلف القوى السياسية في البلاد.وحدد حفتر الخطوط العريضة لعملية الانقلاب بحل البرلمان والحكومة الانتقالية وتشكيل لجنة رئاسية. وأضاف أن الجيش قرر التحرك ليس من أجل قيادة البلاد ولكن من أجل إيجاد الظروف التي تمكن من إدارة أفضل للشؤون العامة الليبية وتحضير المواعيد الانتخابية القادمة. وعمل حفتر لعدة سنوات في صفوف الجيش الليبي في عهد العقيد معمر القذافي ولكنه انشق عنه نهاية ثمانينيات القرن الماضي قبل أن ينضم إلى صفوف الثوار الذين أطاحوا بنظام عمر لأكثر من أربعة عقود. وجاءت تصريحات الجنرال الليبي السابق في ظل تململ عام في ليبيا على خلفية حالة الاحتقان التي يعرفها هذا البلد بعد أن فشلت السلطات الانتقالية من حلحلة الأوضاع وإيجاد مخرج لازمة متعددة الأوجه وزادت في تأخير التوصل إلى حل لازمة أصبحت مستعصية. كما أن انتهاء العهدة الدستورية للبرلمان الليبي زادت في حدة رفض مختلف القوى لبقاء نواب برلمان عجزوا طيلة مدة انتخابهم عن إيجاد أرضية توافقية لصياغة مسودة أول دستور للبلاد وهو ما جعل الهيئات الرسمية في البلاد تبقى محنطة وغير قادرة على القيام بأية مبادرة لتحسين الأوضاع وإخراج البلاد من حالة الفوضى التي تعرفها منذ اندلاع ثورة 17 فيفري 2011. وفقدت الطبقة السياسية الليبية كل تأثير لها بعد أن استأثر الثوار الذين تحولوا إلى مليشيات مسلحة بكل دور في البلاد وفرضوا منطقهم في تسيير شؤون البلاد بقوة السلاح بعيدا عن أية ممارسة ديمقراطية عبر مؤسسات منتخبة. كما أن استفحال ظاهرة الاغتيالات السياسية وكل ما يرمز إلى الجيش الليبي وعجز القوات الأمنية الليبية في تحييد عناصر شبكات سرية مسلحة زاد في درجة الشك لدى الليبيين في قدرة السلطات الحالية على تجاوز خلافات مكوناتها والعمل على تشكيل حكومة إجماع قادرة على حلحلة الأوضاع. وهي كلها عوامل تفاعلت طيلة السنتين الأخيرتين وأصبحت تهدد حتى مكاسب الثورة على نظام السابق والأكثر من ذلك على وحدة ليبيا التي بدأت تعرف تعالي أصوات مطالبة باستقلال هذه المنطقة أو تلك على خلفية عشائرية.