أكد المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي المكلف بحماية البيئة، السيد نيكولا إيلو، أنه على فرنسا تحمل مسؤولياتها تجاه التجارب النووية التي أجريت بالجزائر في الستينيات، معبرا عن اقتناعه بأن فرنسا ”لاتدير ظهرها” للماضي وأنها تعمل على تسهيل الاجراءات التي تسمح لكل الضحايا بتحصيل حقوقهم. وقال بتحفظ إن المعلومات التي لديه بخصوص آثارها البيئية تشير إلى غياب تام للاشعاعات. وأدلى السيد ايلو بهذه التصريحات ردا على سؤال خلال الندوة الصحفية التي عقدها أمس بالجزائر العاصمة، التي وصلها في إطار زيارة تدوم إلى غاية 21 فبراير في إطار التحضير لمؤتمر باريس حول المناخ عام 2015. وقال المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إنه جاء إلى الجزائر في إطار المهمة التي أوكلت إليه من أجل ”الاستماع” لكافة الانشغالات والتوصيات والاقتراحات والرؤى التي يمكن للسلطات الجزائرية ان تقدمها حول ملف البيئة. مشيرا إلى أنه سيلتقي مع عدد من المسؤولين وعلى رأسهم الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، فضلا عن وزيري البيئة والطاقة. وأوضح ”أنا هنا كوسيط ودوري هو محاولة الاقناع بأهمية قضية حماية البيئة، بالتأكيد على أنه رغم اختلاف المسؤوليات التاريخية حول ما آلت إليه الأمور فيما يخص التغيرات المناخية، فإن الآثار ستمس الجميع، لذا لايجب ان يقوم أي طرف بعرقلة الجهود المبذولة، لان فشل ندوة باريس سيكون مؤلما للجميع”. وإذ اعترف بأن المهمة صعبة للغاية بالنظر إلى تفضيل كل دولة لمصالحها الوطنية، فإنه اعتبر أن الحلول موجودة بشرط تحقيق أدنى حد من الانسجام والاتساق في المواقف. وفي هذا السياق، أشار إلى أن الجزائر يمكنها أن ”تساعدنا في الحوار مع الدول الافريقية”، مع العلم أن السيد ايلو سيلتقي وزراء البيئة الأفارقة في وهران خلال انعقاد الندوة الافريقية حول الاقتصاد الأخضر الأسبوع القادم والتي تسعى لتشجيع النقاش حول التعاون الجهوي وتقييم حاجيات القارة فيما يخص الدعم المالي والتكنولوجي وفي مجال الموارد البشرية، فضلا عن مواضيع أخرى تتعلق بالفقر والتشغيل والصحة.ايلو الذي جاء حاملا ”خطابا تحذيريا” -كما قال- لم يخف اقتناعه بأن المواطن البسيط لايعير اهتماما كبيرا للمسائل البيئية بالنظر إلى وجود أولويات أخرى تتعلق بمعيشته اليومية، لكنه شدد على أن ضحايا التغيرات المناخية التي يتسبب فيها التلوث أغلبهم من الفئات الهشة والفقراء في كل بقاع العالم.من هذا المنطلق، أكد على ضرورة بذل جهود أكبر في مجال التوعية والتحسيس بخطورة الوضع الذي وصلنا إليه، مذكرا بأن الدراسات تتحدث عن فناء نصف البشرية في القرنين القادمين إذا استمرت دار لقمان على حالها. وهو ماجعله يقول ”اذا لم يتوقف الانسان عن جنونه ويضع حدودا لسلوكياته السلبية فإن الطبيعة ستثور”. لكنه في الوقت ذاته بدا متفائلا من إمكانية نجاح مؤتمر باريس الذي سينعقد -كما قال- في ظروف تختلف عن تلك التي انعقدت فيها قمم بيئية أخرى مثل كوبنهاغن -أهمها الوعي المتزايد للدول الكبرى التي كانت تشكل عائقا أمام أي اتفاق عالمي كالولايات المتحدة والصين- بالآثار الكارثية للتلوث. فالخسائر الاقتصادية التي جرتها الكوارث الطبيعية على هذه البلدان كبيرة، وهي تشكل أيضا خطرا على الاستقرار الاجتماعي، كما أشار إليه، معتبرا انه من مصلحة الرئيس الأمريكي تشجيع التوصل إلى اتفاق ليدخل في التاريخ من الباب الواسع. لكنه بالمقابل قال انه من المهم البحث عن آليات مبتكرة لتمويل مثل هذا الاتفاق. وفي انتظار انعقاد المؤتمر، فإن فرنسا -حسب المتحدث- وظفت كل وسائلها وشبكاتها الدبلوماسية من أجل إنجاح مهمة مبعوث الرئيس الفرنسي، الذي قال إنه سيجوب العالم مرة ثانية -بعد جولته في إطار حصته المشهورة ”أوشوايا”- لكن هذه المرة لاقناع كل الفاعلين بضرورة الانتقال من ”الأقوال” إلى ”الأفعال”.