دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، كل المواطنين للمشاركة "جماعيا" في الاستحقاق الرئاسي المقرر يوم 17 أفريل المقبل، والإدلاء بأصواتهم لاختيار من يرونه الأصلح لقيادة البلاد في المرحلة القادمة، وحتى يكون الاستحقاق الرئاسي عرسا من أعراس الجزائر. واغتنم رئيس الجمهورية فرصة الرسالة التي بعث بها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لتنصيب المحكمة العليا، للتعريج على الموعد الانتخابي الهام، انطلاقا من قناعته بالأهمية التي يوليها الشعب الجزائري لهذا الاستحقاق، والذي يأتي في ظل متغيرات جديدة تمر بها المنطقة المغاربية والعربية ككل، على إثر ما سُمي موجة الربيع العربي. وإذا كان الشعب الجزائري قد خالف التوقعات بعدم مسايرته لهذه التطورات الإقليمية، بالنظر إلى الظروف الخاصة التي مر بها خلال العشرية السوداء وخروجه منها بإرث ثقيل من الجروح والآلام، فإن الرئيس بوتفليقة أعرب عن يقينه بأن الشعب الجزائري "سيقدّم مرة أخرى، وكعادته، درسا في المواطنة لمن يتربصون السوء بهذا الوطن العزيز، وسيرد على كل من يشكك في نضجه السياسي وقدرته على المحافظة على مكتسباته وصون أمنه واستقرار بلده". ومن هنا كانت رسالة رئيس الجمهورية واضحة بخصوص دعوة الشعب الجزائري لتفويت الفرصة أمام الذين يحاولون استغلال الفرصة في مثل هذه المواعيد، لزرع اليأس في النفوس عن طريق الترويج لأطروحات تحاول صياغة سيناريوهات مسبقة، في الوقت الذي يُفترض أن يعود حق الاختيار للشعب وحده. وأبدى الرئيس بوتفليقة حرصه على إنجاح هذا الاستحقاق من خلال مراهنته على دور الهيئات الوطنية لأداء دورها كاملا، مثلما هو الشأن للّجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات، مشيرا في هذا الصدد إلى أنها تُعد "ثمرة المشاورات مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، لإعطاء ثقة ومصداقية للعمليات الانتخابية المختلفة، إلى جانب اللجان الأخرى التي يشرف عليها القضاة، والتي تساهم بدورها في إضفاء الشفافية والمصداقية على الانتخابات". وعليه ذكّر القضاة بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا المجال بالذات وفي مجالات أخرى، واصفا إياها ب "المسؤولية الجسيمة والخطيرة". وما فتئ رئيس الجمهورية يحذّر من استغلال هذه المناسبات من قبل بعض الأطراف، التي تحاول زعزعة الاستقرار من خلال الترويج بوجود صراع بين مؤسسات الدولة، وهو ما تضمنته الرسالة التي بعث بها بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، حيث دعا الشعب ومؤسسات الدولة إلى بذل قصارى الجهود للحفاظ على استقرار البلاد، لا سيما مع اقتراب الانتخابات، وأهاب بجميع الأطراف التي لها دور في مسار الانتخاب الرئاسي المقبل، أن تسمو إلى مستوى ما يوجبه البرهان على الحس بالمسؤولية، حتى يتسنى إجراء انتخاب رئاسي، يحكم كل مجرياته السلوك الحضاري بكل مظاهره والنضج الديمقراطي. ومن باب سد المنافذ أمام المشككين، أبى رئيس الجمهورية إلا أن يقدّم المزيد من التطمينات على أرض الواقع؛ من خلال إصدار تعليمة بمناسبة هذا الموعد الانتخابي؛ حيث أمر الحكومة وولاة الجمهورية بالعمل على ضمان إجراء انتخابات رئاسية "لا يرقى الشك أبدا إلى مصداقيتها"، على أن تضطلع جميع السلطات والهيئات المكلَّفة بتنظيم هذه الانتخابات، كلٌّ في نطاق تخصصه، بالأداء الفعلي والصارم لمهامه المنصوص عليها قانونا. كما دعا في هذا الإطار جميع أعوان الدولة المجنَّدين في إطار تنظيم هذا الاقتراع، إلى "الالتزام التام" بمبدأ الإنصاف والحياد، وتفادي أي فعل من شأنه المساس بأيٍّ من حقوق الناخبين والمترشحين. وحرصا منه على تكريس مبدأ الإنصاف بين كل المترشحين لهذا الاستحقاق الهام، أسدى الرئيس بوتفليقة أوامر صارمة؛ قصد توفير كافة الشروط اللازمة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين. وفي مقدمة هذه الإجراءات ترقية وتسهيل ممارسة الناخبين حقهم في التصويت واختيارهم الحر لمن يرونه جديرا بثقتهم، وضمان تنظيم محكم للحملة الانتخابية وحسن سيرها، وتسليم نسخة من القائمة الانتخابية لكل بلدية، ونسخة من قائمة أعضاء مكاتب التصويت لممثلي المترشحين والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخاب، في الآجال المحددة قانونا. ولم يستثن الرئيس بوتفليقة دور الإعلام لإنجاح هذا الموعد الهام؛ حيث دعا في هذا الصدد الصحافة الوطنية العمومية منها والخاصة، إلى إنجاح الاستشارة القادمة من خلال إسهامها في خلق الجو المواتي للتعبير الحر لكل الناخبين، داعيا في هذا السياق وسائل الإعلام العمومية للتحلي بالصرامة المهنية والاحترافية؛ لضمان معاملة كافة المترشحين بتمام الإنصاف؛ سواء خلال الحملة الانتخابية أو خلال الفترة التي تسبقها. أما الصحافة الخاصة فإن مهمتها تكمن في الحرص على التقيد بنفس الواجب المهني وبمراعاة أخلاقيات المهنة، التي تقتضي ترجيح الموضوعية في نقل ومعالجة الأخبار المرتبطة بهذا الحدث الهام ومعالجتها وسردها.