وصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أمس، إلى الأردن، لإجراء محادثات مع الملك عبد الله الثاني، تتناول مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي الذي لم يعرف أي تقدم منذ إطلاقه منذ سنوات. وحل كيري بمدينة العقبة الواقعة على بعد 352 كلم إلى جنوب العاصمة عمان، قادما من العاصمة روما، حيث شارك في مؤتمر دولي لدعم ليبيا. ورغم أنه لم يتم الإعلان مسبقا عن هذه الزيارة فالمؤكد أن فشل المساعي الأمريكية في الدفع قدما بالعملية السلمية الجارية حاليا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تكون قد دفعت بكيري إلى عقد لقاء مع العاهل الأردني لبحث آخر تطورات عملية سلمية توشك على الانهيار. ويكون كيري أراد من خلال هذا اللقاء إقناع الملك عبد الله الثاني بالسعي لدى الجانب الفلسطيني لإقناعه بقبول الاتفاق الإطار الذي تعول عليه الإدارة الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية. وهو طرح يتأكد بالعودة إلى آخر تصريحات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التي جدد من خلالها رفض الجانب الفلسطيني الاعتراف بإسرائيل ك«دولة يهودية” رغم الضغوطات الممارسة لحمله على الرضوخ لمثل هذا الاعتراف الذي ينسف كل حقوقهم. ليس ذلك فقط، فالرئيس عباس الذي ذكر بأن استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين برعاية أمريكية جاء بناء على أرضية حدود عام 1967، أكد أن الفلسطينيين لن يفرطوا في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. وقال إنه أبلغ الإسرائيليين والأمريكيين بأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وفقا للشرعية الدولية لأنها احتلت عام 1967، مشيرا إلى أنه “لا نمانع بأن تبقى القدس مفتوحة ويكون هناك تنسيق مع الإسرائيليين”. وجاء تأكيد الرئيس الفلسطيني ردا على تقارير إعلامية ذكرت أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عرض على الرئيس عباس أخيرا اعتبار بلدة بيت حنينا في القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية. وهو ما يؤكد أن رئيس الدبلوماسية الأمريكية الذي استشعر فشل مساعيه مع اقتراب انتهاء مهلة مفاوضات السلام، بنهاية شهر أفريل القادم، يريد إلقاء كل ثقله على الحلقة الأضعف في العملية السلمية وهي السلطة الفلسطينية لحملها على تقديم مزيد من التنازلات. غير أن المواقف التي أبدتها هذه الأخيرة ورفضها التنازل عن مزيد من الحقوق الفلسطينية جعلت كيري يتخبط في حلقة مفرغة. ويبقى المطلوب من الطرف الفلسطيني ألا يرضخ للضغوط الأمريكية ومن ورائها الإسرائيلية الرامية للتوصل إلى اتفاق سلام يخدم الاحتلال أولا وأخيرا. وإذا كانت عملية السلام شكلت محور المحادثات بين كيري والعاهل الأردني، فالمؤكد أن الضجة التي أثارتها مساعي اليمين الإسرائيلي المتطرف المطالب بإخضاع المسجد الأقصى المبارك لسلطة الاحتلال بما يشكل خرقا لاتفاقية السلام الموقعة منذ عام 1994 بين إسرائيل والأردن كانت في صميم هذه المحادثات. وهي المساعي التي دفعت بالبرلمان الأردني إلى تبني قرار يقضي بضرورة طرد السفير الإسرائيلي من عمان.