عند ذكر المرأة الجزائرية، تعود بنا الذاكرة إلى أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر، الذي جعل من قمع المرأة وسجنها وتعذيبها واغتصابها وسيلة لقهرها وقهر الرجال الشرفاء بها وإذلالهم، إلا أن شجاعتها وصبرها وقوة عزيمتها حولت الظلم إلى انتفاضة والقهر إلى ثورة، وكانت البداية مع الثائرة والمجاهدة لالة فاطمة نسومر، التي هي اليوم رمز لكل مقاومة شعبية ضد أي مستعمر غاصب. ومن زنزانات السجون ودهاليز التعذيب وأقبية الموت، انطلق صوت الجميلات الثلاث مدويا، صارخا في وجه استبداد المستعمر الفرنسي إنهن: جميلة بوباشا وجميلة بوحيردوجميلة بوعزة، اللائي تركن مقاعد الدراسة وقلن وداعا للمحفطة والكراس والقلم، ووهبن أنفسهن في سبيل الوطن، وكن خير مثال للتضحية والفداء، وسجلن أروع البطولات وصرن رمزا لكفاح النساء الجزائريات ومضرب الأمثال في العالم، فالإعلامية والسياسية الأردنية، ليلى الأطرش، تقول في كتابها ”نساء على المفارق” رسم بيكاسو وجه جميلة كامرأة جزائرية ثائرة ليدحض صورا نمطية أشاعها الاستشراق عن الجزائريات كحريم في مخادع الولاة، وكرس صورتهن المستشرق الفرنسي «دولاكروا” الضابط الرسام، كآلة جنس مقموعة لأكثر من قرن”. إن التضحيات التي قدمتها المرأة الجزائرية، مكنتها من تبوإ المكانة التي تليق بها في عهد الحرية والاستقلال، فكانت إلى جانب أخيها الرجل في ثورة البناء والتشييد ومكافحة الإرهاب، والمشاركة في التنمية بكل أبعادها، مقتحمة في ذلك كل المجالات فاستحقت أن تكون متساوية مع الرجل في الوظيفة وفي الحقوق والواجبات وأن تحتل الثلث في المجالس المنتخبة، وأن تمنح الجنسية لأبنائها بالنسبة للزواج المختلط. فتحية لجميلات الأمس وجميلات اليوم في عيدهن العالمي على ما بذلن من جهد في تربية جيل حرر الوطن وجيل يسعى للحفاظ على الحرية والاستقلال وإرساء الديمقراطية، ورقي المجتمع وازدهاره.