تعيش إفريقيا اليوم ظروفا خاصة، أمنية واقتصادية واجتماعية، يتطلب إدراك أبعادها والعمل على تذليل العقبات التي تحول دون مواجهة هذه التحديات. ولعل من شأن جلسات دورة منظمة الوحدة النقابية الإفريقية المنعقدة بالجزائر هذه الأيام أن تضع الإصبع على الجرح من أجل إيجاد الآليات التي تساهم بها في مساعدة السياسيين على احتواء الأوضاع خاصة على مستوى منطقة الساحل التي تعرف اضطرابات أمنية أو على مستوى قلب القارة التي تسللت إليها النزاعات العرقية والدينية. والنقابيون -دون شك- أكثر من يدرك بأن جل الصراعات التي تظهر في هذا البلد أو ذاك، بين هذه الطبقة الاجتماعية أو تلك سببها في كثير من الأحيان اقتصادي اجتماعي يغذي الصراعات بين العمال وأرباب العمل قبل أن يمتد إلى الشارع يجيشه ويحشده وراء مطالب يمكن تلبيتها والحيلولة دون استغلالها من أطراف خارجية وأدواتها داخل هذه المجتمعات. وإفريقيا لا تبدو فقيرة من حيث الموارد ولا من حيث العنصر البشري حتى تترك لمثل هذه الصراعات والنزاعات المسلحة تنهش اقتصادياتها وبنياتها التحتية وأكثر من ذلك تفكيك بنياتها الاجتماعية عبر تغذية الصراعات العرقية والدينية والقبلية. إن النقابات الإفريقية كما وعت حقوق العمال داخل منظوماتها الاقتصادية والاجتماعية تدرك مخاطر التدخل الأجنبي في توجيه اقتصاديات بلدانها بما يخدم مصالح واقتصاديات هذه القوى الأجنبية التي عملت وتعمل على الإبقاء على إفريقيا مصدرا للمواد الأولية ولليد العاملة الرخيصة، وأكثر من ذلك مفرغة لرمي النفايات الصناعية على خطورتها. ولا خلاص من هذه المشاكل إلا بالاستثمار في القارة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولعل الطبقة الشغيلة هي ركيزة هذا الاستثمار.