تعد عملية ترقيع الأثاث القديم من الحرف التي عرفت انتعاشا كبيرا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد انتشار محلات تخصصت في إعادة الترقيع بمختلف ولايات الوطن، وكان من بين هؤلاء حرفيون شاركوا في صالون الشغل الذي نظم مؤخرا بقصر المعارض، حيث أبدعوا في عرض ما جادت به أناملهم في تحويل الأثاث من قديم إلى جديد، وكان من بينهم الحرفي سمير سروب من ولاية سكيكدة الذي حدثنا عن هذه الحرفة. يطلق على حرفة ترقيع الأثاث القديم وتحويله من خردة إلى أثاث جديد بالنجادة، يقول الحرفي سمير الذي تعلمها نقلا عن والده: “لعل أهم ما يميز هذه الحرفة أنها تعلم الأسر المعنى الحقيقي لكلمة (اقتصاد)، فعوض رمي الأثاث القديم ممثلا في الأريكة ولواحقها الخاصة بغرفة المعيشة، خاصة أن بعضه يعود إلى حقب تاريخية غابرة، نقوم عن طريق هذه الحرفة بإعادة إحياء الأثاث من خلال إعطائه وجها جديدا يصعب في كثير من الأحيان على مالكيه التعرف عليه”. يقصدنا العديد من الزبائن يوميا بغية طلب تجديد الأثاث الذي يبدو لهم أنه لم يعد يواكب الموضة، يقول سمير: “هذه الحرفة لا تقتصر على مجرد الترقيع، إنما تستجيب لطلبات الزبونات الراغبات في إعطاء وجه جديد لأثاثهن المنزلي، مما جعل هذه الحرفة تنتعش بنسبة 80 بالمائة، ومع غلاء المعيشة أصبح المواطن يفكر بطريقة اقتصادية، فعوض أن يقوم بشراء أثاث جديد لغرفة المعيشة ممثلا في أرائك بمبلغ معين، يقوم باستغلال ما عنده وتوجيه الحرفي إلى الشكل الذي يريد أن يظهر عليه أثاثه، حيث نترك له مطلق الحرية في اقتراح نوع القماش ولونه، وبحكم الخبرة التي تكونت لدي بعد 25 سنة في هذه الحرفة، أقوم في معظم الأحيان بإعطاء الأفكار لزبائني بغية توجيههم إلى ما أعتقد أنه يناسب أكثر أثاثهم”. وحول صعوبات الحرفة، يقول الحرفي سمير بأنها لا تنحصر فقط في كونها واحدة من الحرف التي لا تعلم بمراكز التكوين، إنما ينبغي للراغب في تعلمها البحث عن صناعها الذين يعدون على الأصابع. ومع الانتعاش الذي عرفته مؤخرا، أصبح الطلب ملحا على تعلمها، بالتالي فالصعوبة التي تطرحها هذه الحرفة تتمثل في قلة الممتهنين لها، ولعلي يقول “كنت واحدا من المحظوظين لأنني تعلمتها عن والدي الذي أمضى حياته فيها، وما عدا هذا لا توجد أية صعوبات تذكر، فالمادة الأولية متوفرة ومؤسسات الدولة ممثلة في الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب مستعدة لتقديم القروض لأي فرد راغب في مباشرة هذه الحرفة، وأنا مثلا كنت واحدا من المستفيدين، وعن طريق القرض الذي تحصلت عليه أملك اليوم محلا أعلم فيه الحرفة للراغبين في تعلمها”.