صعّدت مجموعة السبعة الكبار ودول الاتحاد الأوروبي أمس، من لهجتها تجاه روسيا، وطالبتها بوقف كل مساعيها لضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية، على خلفية نتيجة استفتاء الاستقلال، المنتظَر تنظيمه الأحد القادم. وقال رئيس اللجنة الأوروبية خوسي مانويل باروسو أمس، في تصريحات حملت رسائل تحذير واضحة باتجاه موسكو، إن كل مسعى لإعطاء شرعية الاستفتاء في شبه جزيرة القرم، يتعارض مع الدستور الأوكراني والقانون الدولي، وهو لذلك يبقى غير شرعي. وتحركت دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبعة الكبار بعد إعلان السلطات المحلية في القرم، عن بيان الاستقلال الذي جاء خمسة أيام فقط قبل تنظيم الاستفتاء الذي دعا إليه برلمان الجزيرة، محل الصراع بين الدول الغربية وروسيا. وهو أيضا رد صريح على موقف السلطات الروسية، التي رحّبت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، بخطوة الاستقلال، ونعتها بالقرار الشرعي؛ في رسالة قوية أيضا باتجاه الدول الغربية، التي فشلت إلى حد الآن دون جعل موسكو تتراجع عن مواقفها المؤيدة لفكرة انفصال هذا الجزء من الأراضي الأوكرانية، وضمه إلى روسيا. وكشف باروسو في تصريحاته أمس، أن الاتحاد الأوروبي عرض على السلطات الروسية تنظيم مفاوضات مباشرة بينهما حول أوكرانيا، ولكن طلبه بقي دون رد إلى حد الآن؛ بهدف نزع فتيل أزمة قد تشعل المنطقة كلها. وهو الرفض الذي برره الكريملين في العديد من المرات، بأنه يرفض بشكل قاطع، أن يتم تحويل الدول الغربية الأزمة في أوكرانيا على أنها خلاف بينها وبين كييف، وإنما أزمة داخلية، نجم عنها تحرك أقلية روسية من أجل الانفصال. ويبدو أن الدول الغربية وجدت نفسها في مأزق حقيقي لمنع خطوة الانفصال، واقتنعت بأن العقوبات التي أقرتها ضد روسيا وحتى على مسؤولين سابقين في الحكومة الأوكرانية المطاح بها، لم تؤثر فيها، ولم تُثنها للتراجع عن موقفها. وتعيش مختلف العواصم الغربية حالة قلق واضح بسبب الموقف الروسي، الذي أفقدها كل أوراق الضغط التي كانت بين أيديها، والتي استنفدتها تباعا وعلى مراحل؛ كونها كانت في كل مرة تجد آذانا صماء في موسكو. وللموقف الروسي المتشدد ما يبرره؛ فروسيا تعي جيدا أن الرهان الأوكراني كبير، وبالتالي فإن القبول بالنداءات الغربية سيُفقدها مصالح استراتيجية ضخمة لن تعوّضها أية مقترحات بديلة إذا سلّمنا بأن موسكو تنظر إلى البحر الأسود متنفسا "مائيا" استراتيجيا، كفيلا بأن يضمن لها بلوغ المياه الدافئة في البحر المتوسط دون عناء طويل، وهو ما يفسر موقف الرئيس فلاديمير بوتين، الذي تعامل مع الموقف بحزم رجل المخابرات، الذي يدرك جيدا ما يفعل. والمؤكد أن الوضع مرشح لتصعيد حاد في المواقف، قد يأخذ منعطفا عسكريا على مقربة من موعد تنظيم الاستفتاء في شبه الجزيرة الأحد القادم، إذ تؤكد كل المؤشرات أن سكان جزيرة القرم سيختارون الاستقلال والانضمام إلى روسيا. وحينها ستقول روسيا إن شعب القرم هو الذي قرر، وإرادته لا يمكن الوقوف ضدها؛ سواء بالقانون الدولي أو العقوبات الاقتصادية وحتى العسكرية.