استنفرت السلطات المصرية السياسية والعسكرية قواعدها بعد عملية الاغتيال التي استهدفت ستة جنود في حاجز أمني في محافظة القيلوبية شمال العاصمة القاهرة وشكل ذلك إنذارا قويا للسلطات الانتقالية على مقربة من موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية. وعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا في نفس الوقت الذي عقدت فيه قيادة هيئة أركان الجيش المصري اجتماعا مماثلا لبحث سبل صد مثل هذا الهجوم الذي أكد أن منفذيه تمكنوا فعلا من تنظيم صفوفهم وبدأوا يقلقون السلطات المركزية في القاهرة. ورفعت السلطات المصرية، أمس، سيف الحجاج متوعدة عناصر التنظيمات المسلحة برد قاس لحماية أرواح المصريين والمنشآت الحيوية والمرافق العامة من أي اعتداء. وشددت الحكومة المصرية في أعقاب اجتماع طارئ عقدته، أمس، على خلفية عملية الاغتيال السالفة الذكر لهجتها من اجل طمأنة المصريين عزمها على إتمام مراحل "خارطة الطريق" التي وضعتها الصيف الماضي من أجل إخراج البلاد من الوضع الانتقالي وانتخابات هيئات رسمية. ويبدو أن السلطات المصرية بدأت تستشعر مخاطر تنامي عمليات الاغتيال التي تكاد تكون يومية في مختلف محافظات البلاد والتي توسعت رقعتها من سيناء في بداية الأزمة شهر جويلية الماضي وانتقلت شرقا وجنوبا وخاصة باتجاه العاصمة القاهرة ومدن الاسماعلية والإسكندرية والمنصورة. وهو المنحى التصعيدي الذي دق ناقوس الخطر بالنسبة للسلطات السياسية والأمنية المصرية التي أصبحت تبدي مخاوف من احتمالات تعكير أجواء الانتخابات الرئاسية ومنع تنظيمها وهو ما جعل السلطات تطمئن المصريين أنها عازمة على إجرائها في موعدها واستكمال خارطة الطريق للخروج من المرحلة الانتقالية "مهما كانت التحديات والتضحيات". كما انتهى الاجتماع الطارئ على تبني خطة أمنية تعتمد على تشديد الإجراءات الأمنية على المرافق الحيوية والاستراتيجية في الدولة والرقابة على المنافذ الحدودية وملاحقة العناصر الإرهابية وإحالتها على القضاء. ومن جهته، عقد مجلس الدفاع المصري اجتماعا أمنيا طارئا ترأسه الرئيس المؤقت عدلي منصور تم خلاله استعراض مستجدات الأوضاع الأمنية والخطوات التي يتعين على الحكومة اتخاذها بهدف ضمان أمن والعمل على مكافحة الإرهاب ومحاصرته وتجفيف منابعه. وحذر خبراء أمنيون مصريون من تزايد وتيرة العمليات الإرهابية في الشارع المصري خلال الأيام القادمة مع بدء الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقبلة على اعتبار أن هدف التنظيمات الإرهابية يبقى إفشال خارطة الطريق وتعطيل المسار الديمقراطي في هذا البلد. وتثار في مصر الآن إشكالية مدى قدرة الأجهزة الأمنية في مواجهة خلايا سرية محدودة العدد تقوم بعمليات وتختفي دون ترك أي أثر رغم تبنيها من طرف تنظيم بيت المقدس الذي شكل هاجسا أمنيا مخيفا لكل المصريين. والأخطر من ذلك في نظر هؤلاء المحللين أن العمليات المسلحة لم تعد تقتصر على ضرب عناصر الشرطة ضمن عمليات معزولة ولكنها تحولت الى مهاجمة نقاط تفتيش تابعة للجيش الذي كان في منأى عن هذه العمليات.