يحبس المصريون أنفاسهم اليوم بمناسبة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، وسط مخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهات دامية؛ على خلفية القبضة المعلنة بين قوات الأمن وأنصار حركة الإخوان، الذين تعهّدوا بتصعيد الموقف لمنع تنظيمه. وتراهن السلطات الانتقالية المصرية على إنجاح هذا الموعد؛ كونه أول امتحان لتجسيد خطة خارطة الطريق التي وضعتها للانتهاء من مرحلة حكم الإخوان المسلمين منذ عزل الرئيس محمد مرسي بداية شهر جويلية الماضي. ويأتي تنظيم هذا الموعد الذي تُجرى فعالياته على مدى يومين، وسط معطيات سياسية وأمنية طارئة، كان أبرزها اعتبار حركة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا وكذا تزايد العمليات المسلحة ضد كل ما يرمز للسلطة الانتقالية في البلاد؛ من خلال عمليات اغتيال وتفجيرات بالسيارة الملغّمة، وعملية حرق لمقار الهيئات الرسمية ومظاهرات رافضة لهذا الدستور. ولتفادي فشل مثل هذا الموعد الذي سيكون بمثابة "بارومتر" حقيقي لقياس مدى مصداقية وتقبّل الشعب المصري لخارطة الطريق ومنع كل تحرك قد يعكّر أجواء هذا الموعد، عمدت السلطات المصرية إلى تجنيد أكثر من 160 ألف عسكري وآلاف العناصر الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، لتأمين العملية؛ حيث تم نشرهم أمام مكاتب الاقتراع وأمام مقار الهيئات الرسمية والأمنية؛ بهدف التضييق على منتسبي حركة الإخوان والأحزاب المؤيدة لها، والتي تعهّدت بتصعيد الوقف لإفشال هذا الاستفتاء. وتم توزيع هذه القوات في المحاور الرئيسة والساحات العامة وأمام المنشآت الرئيسة في مختلف المدن حسب أهميتها؛ لتفادي أية مفاجآت غير سارة في موعد تريده القاهرة حدثا "احتفاليا" على طريق الانتهاء من المرحلة الانتقالية، وطي صفحة الإخوان بانتخاب رئيس جديد شهر جويلية القادم. وتسلمت وحدات الجيش والشرطة ضمن هذه الخطة، مقار اللجان الانتخابية التي قُدّر عددها بأكثر من 30 ألف مقر انتخابي، موزَّعين على مختلف المحافظات السبعة والعشرين التي تشكل الإقليم المصري. وحذّرت مصادر عسكرية مصرية أمس، من أن الوحدات العسكرية وُضعت في حالة تأهب؛ استعدادا للتعامل مع أعمال العنف والشغب والتظاهرات بالصرامة التي تستدعيها المواقف الطارئة، التي قد تؤثر على سير العملية الانتخابية داخل وخارج اللجان، وكيفية مجابهة التهديدات الإرهابية المحتمَلة. وكان وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، أكد أن القوات المسلحة "مصرّة على حماية الشعب المصري وضمان حقه في التعبير عن إرادته الوطنية وإعادة بناء المستقبل"، في نفس الوقت الذي أكد وزير الداخلية محمد إبراهيم، أن مصر ستشهد اليوم وغدا، لحظات فارقة في تاريخها، وأنها مستعدة لمواجهة كل محاولة لتعكير صفو الاستفتاء "بمنتهى القوة والحزم، ولن تتهاون مع أي فعل يمس إرادة الشعب المصري". وتوالت هذه التحذيرات تزامنا مع تقارير أمنية حذّرت من أعمال عنف وشغب محتمَلة يومي تنظيم الاستفتاء؛ في محاولة من أنصار الإخوان المسلمين، عرقلة الاستفتاء من خلال التصعيد الميداني في الشارع، ومحاولة اقتحام الساحات العامة للاعتصام بها وإثارة الفوضى؛ لمنع الناخبين من الإدلاء بآرائهم. وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر، أنها منحت تصاريح لمراقبة الاستفتاء ل 67 منظمة محلية و6 منظمات دولية، تضم إجمالا نحو 84 ألفا و257 مراقبا، فيما أكدت استبعاد عدة جمعيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، من المشاركة في مراقبة مجريات الاستفتاء؛ تطبيقا لقرار حظر جماعة الإخوان وأنشطتها وكافة فروعها والجمعيات المنبثقة عنها. يُذكر أن أكثر من 52,7 مليون ناخب مصري موزَّعين على 27 محافظة على مستوى البلاد، مدعوّون للمشاركة في هذا الاستفتاء.