تنطلق، اليوم، الحملة الانتخابية للرئاسيات، التي سيتنافس فيها ستة مترشحين، باشر أغلبهم حملتهم الانتخابية قبل مدتها القانونية منذ عدة أشهر، عبر شبكة الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي كتويتر وفايسبوك، كونها أضحت من وسائل الإعلام المفضلة التي تلقى إقبالا منقطع النظير خاصة لدى الشباب الذين يبقون الفئة المستهدفة لأنهم يمثلون حيزا لا بأس به في الهيئة الناخبة. ويسعى كل مترشح من خلال هذه الشبكات الاجتماعية لكسب ثقة الشباب وإقناعهم بالتصويت، في الوقت الذي سجلت فيه نتائج المواعيد الانتخابية السابقة عزوفا من طرف الشباب. يضرب، اليوم، المترشحون الستة المتنافسون على كرسي قصر المرادية، موعدا مع الشعب، عبر العديد من ولايات الوطن، من خلال التجمعات الشعبية التي ينظمونها لشرح برامجهم الانتخابية لإقناع الشعب بالتصويت عليهم. فإلى جانب المهرجانات والتجمعات الشعبية الكلاسيكية التي سينظمها المترشحون وممثلوهم طيلة 22 يوما من الحملة الانتخابية، يعول هذه المرة هؤلاء على الوسائل التكنولوجية الحديثة التي أصبحت أفضل وسيلة لدى العديد من المواطنين خاصة النخبة المثقفة والشباب الذين يتصفحون شبكات التواصل الاجتماعي والتي لا ينكر أحد قدرتها على صناعة الرأي العام وتوجيهه أحيانا من خلال الأخبار والصور والفيديوهات التي تنشر وتبث عبرها. حيث أطلق المترشحون العنان لوعودهم حتى قبل انطلاق الحملة في موعدها الرسمي الذي يوافق دستوريا ال23 من الشهر الجاري، رغم أن المادة 189 من قانون الانتخابات تنص صراحة على أنه "لا يمكن لأي مترشح مهما كانت الوسيلة وبأي شكل كان، أن يقوم بحملة خارج الفترة المنصوص عليها في المادة 188"، وبالرغم من هذا، تسابق فرسان الاستحقاق القادم في إطلاق الوعود والترويج لبرنامجهم الانتخابية، مستغلين مختلف المنابر والمناسبات التي تسمح بذلك، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث لم يتمكن أي أحد من إيقاف هذه الحملة عبر هذه المواقع التي لها صدى كبير، حيث بدأت الدعاية الانتخابية قبل موعدها الرسمي بعدما استغل المترشحون عدم منع استخدام هذه المواقع الإلكترونية في قانون الانتخابات. وبالرغم من أن كل المترشحين لهم مواقع إلكترونية خاصة بهم لعرض نشاطاتهم وبرامجهم خلال الحملة الانتخابية، فضل البعض منهم تعيين فريق من المساندين لهم للتكفل بتنشيط صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لسرعتها في نقل الحدث وتعريف الجمهور بكل التطورات من جهة. ونظرا لكونها في متناول الجميع يمكن لأي مواطن الانضمام إلى الصفحة والمشاركة بآرائه واقتراحاته من جهة أخرى، عكس المواقع الالكترونية الخاصة بالمترشحين والتي تتطلب زيارتها معرفة اسم الموقع. وبالرغم من أن هذه الشبكات الاجتماعية كانت موجودة خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات 2009 فإنها هذه المرة تأخذ بعدا أوسع بكثير عن تلك الفترة التي لم يكن يركز فيها المترشحون على هذه الشبكات، مكتفين في حملتهم على وسائل الإعلام الكلاسيكية وبعض المواقع الالكترونية العادية. وهو ما أكده السيد أحمد بن صبان، مدير الاتصال للحملة الانتخابية للمترشح عن جبهة المستقبل، السيد عبد العزيز بلعيد، والذي قال إن مديرية الحملة الانتخابية التي يديرها خصصت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بالمترشح الذي دخل غمار الرئاسيات لأول مرة لشرح برنامجه وأهدافه، إضافة إلى تخصيص موقع إلكتروني خاص به ينطلق اليوم مع انطلاق الحملة الانتخابية يخصص لنقل كل نشاطاته. وفي هذا السياق، ذكر السيد لطفي بومغار، مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر علي بن فليس، أنه إلى جانب التجمعات الشعبية التي سيعقدها المترشح ومساندوه تولي مديرية الحملة أهمية كبيرة لشبكات التواصل الاجتماعي التي تعد عملا حضاريا لتكوين رؤية واضحة عن المترشح كون الشبكات الاجتماعية أصبحت وسيلة عامة، خاصة لدى الشباب، غير أنها تبقى نسبية ولا يمكن الاكتفاء بها وإهمال الوسائل التقليدية من إذاعة، تلفزيون، وصحافة مكتوبة، لأن الأنترنيت في الجزائر لا يزال استعمالها محدودا ومقتصرا على فئات معينة فقط من النخبة المثقفة والشباب، يقول المتحدث، الذي قال إن المترشح الذي يمثله سيركز خلال حملته على العمل الجواري والنزول للشارع لمواجهة الشعب والشباب والتحدث إليه. أما حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" المنضوي تحت تنسيقية مساندة برنامج المترشح عبد العزيز بوتفليقة، فأفاد بأنه يركز بالدرجة الأولى على الطلبة الجامعيين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي لإيصال أفكار المترشح نظرا لقدرة الطلبة على إقناع وتجنيد الشباب. وإن كان أغلب المترشحين يولون أهمية كبيرة لهذه الشبكات والمواقع الالكترونية، فإن البعض الآخر لا يرى في مواقع الواب والأنترنيت وسيلة بالغة الأهمية، مفضلين التركيز على العمل الجواري ولقاءات وجها لوجه مع الناخبين اقتناعا منهم بأن هذه المواقع محدودة الجمهور ولا تمس شريحة واسعة من المواطنين مثلما تراه مديرية الحملة الانتخابية للمترشح عن الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي. ويرى مختصون في علم الاتصال أن الأنترنيت هي وسيلة إضافية إلى جانب الملصقات والتجمعات الشعبية في تنشيط الحملة الانتخابية، كونها تمس شريحة الشباب الذي ظل لوقت طويل يقاطع الانتخابات لفقدانه الثقة في رجال السياسة ووعودهم التي لا تتجسد، مشيرين إلى أن هذه مواقع التواصل الاجتماعي هذه بينت قدرتها على صناعة وتوجيه الرأي العام بحيث أصبح الشباب اليوم على دراية بمجريات الانتخابات الرئاسية بفضل هذه المواقع عكس السنوات السباقة التي لم يكن فيها معنيا بالحدث السياسي. وفي هذا السياق، دعا هؤلاء المترشحون إلى حسن استغلال هذه التكنولوجيا واختيار اللغة المناسبة لإقناع الناخبين بعيدا عن التجريح والشتم، مطالبين باحترام أخلاقيات العمل السياسي والخروج بحملة انتخابية مبنية على منافسة شريفة لإعطاء مصداقية لبرامجهم وكسب ثقة الناخبين.