يحدثنا الدكتور حميد قراش جراح في القلب والأوعية الدموية في هذا الحوار عن ارتفاع معدلات الوفيات لدى المصابين بمرضى السكري، نتيجة تلف الأوعية بعد إصابتها بالسكري، وهو الأمر الذي دفعه إلى تخصيص أطروحته لدراسة السكري والأوعية الدموية والخروج منها بنتائج يتم تطبيقها على مستوى ولاية سطيف كتجربة أولى لتجنب بتر رجل المريض بإخضاعه للجراحة. المساء: بداية كيف يؤثر السكري على الأوعية الدموية للمصاب بالداء؟ الدكتور حميد قراش: السكري من أكثر الأمراض التي تصيب الأوعية وتحديدا أوعية القلب، وبما أن الجسم مكون من أوعية دموية فهذا يعني أن السكري يمس كل الجسم، وعليه فالتكفل به يتطلب التشخيص المبكر للأوعية الدموية للتأكد من مدى إصابتها بالسكري، نحن الأطباء نعتبر القدم السكرية ملتقى كل مشاكل مرض السكري، فبمجرد إصابة الأوعية الدموية المتواجدة بالقدمين، معناه أن كل الأوعية في الجسم قد أصيبت بالسكري وفي هذه الحالة يحدث تصلب بالقدمين نتيجة انسداد الأوعية الدموية.
ماذا يحدث بعد أن تصاب الأوعية الدموية على مستوى القدمين بالسكري؟ يفقد المريض الذي تصاب أوعية قدميه بالسكري الشعور بها وتصيبهما حالة من التيبس وإذا أصيب بجرح ما يصعب شفاؤه، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات لدى هذه الفئة، وبإجراء مقارنة بسيطة نجد أن الجرح عند الإنسان العادي يلتئم سريعا لتوفر تدفق الدم، أما عند الشخص المصاب بالسكري، والذي يعاني من انسداد بالأوعية الدموية فيكون من الصعب شفاء جرحه، لأن الأوعية الدموية عاجزة عن تأمين الدم وهو الأمر الذي يضع المريض في حالة حرجة.
إذن الأوعية الدموية التي تصاب بالسكري تهدد المريض بالموت؟ لا يقتصر التهديد على الأوعية الدموية التي المصابة فحسب، وإنما تطرح الأعصاب مشكلا صحيا أيضا بالنسبة لمريض السكري، فالأعصاب التي تتصل بالقدمين تحتاج إلى الدم، وبما أن الأوعية الدموية الرقيقة قد تضررت بمرض السكري، معنى هذا أن الأعصاب تفقد فعاليتها لأن الدم لا يصل إليها لأداء وظيفتها، حيث يفقد الجسم الاتصال بالقدمين وبالتالي البتر. وهنا أنبه إلى أنه إذا لبس مثلا حذاءا ضيقا وتسبب له في بعض الجروح نتيجة عدم شعوره بها يحدث له تعفن يقود إلى فقد قدمه، وقد أثبتت الدراسات أن 50 بالمائة من الأسباب التي تؤدي إلى إصابة قدم مريض السكري بالتعفن هو الحذاء.
حدثنا عن حالات جراحة الأوعية الدموية الخاصة بقدم السكري؟ في الواقع على مستوى ولاية سطيف لم نقم بأي جراحة فيما يخص الأوعية الدموية لمريض السكري، من أجل هذا أحاول بصفتي جراحا، فتح قسم خاص بجراحة القلب والأوعية الدموية على مستوى الولاية، وأعمل أيضا على إنهاء أطروحتي الخاصة بقدم مريض السكري التي تعتبر الأولى بالجزائر حيث أجريت بها دراسة بحثية على كل المرضى المصابين بالسكري، حيث قمت بتشخيص حالاتهم ومعرفة الأسباب التي جعلتهم يصابون بالمرض وأسباب تفشيه بالجسم، وهذا للخروج بقائمة وقاية وتوعية على مستوى الولاية كما شخصنا، تحت إشراف الجراح الدكتور بوعياد، من هذه الدراسة الحالات التي تتطلب إجراء جراحة على مستوى الأوعية، وقد أثبتت النتائج تقريبا أن نصف المرضى المصابين بالقدم السكرية بولاية سطيف بحاجة إلى إجراء جراحة على مستوى الأوعية الدموية حتى لا يتم بتر أقدامهم.
متى يتم اللجوء إلى البتر؟ في الواقع، نحن كجراحين لا ننصح بالبتر إلا في أصعب الحالات بعد استنفاذ كافة الطرق العلاجية كالجراحة، غير أن ما أبغي التنبيه إليه هو أن غياب الوعي بالدرجة الأولى لدى المرضى هو السبب الرئيسي لتفاقم القرحة التي تصيب قدم المريض الذي يقصدنا في حالة متقدمة من التعفن، الأمر الذي يقودنا إلى اتخاذ قرار البتر.
برأيك من المسؤول عن قلة وعي المصاب بالقدم السكرية؟ لا نحمل قلة الوعي للمريض فقط، وإنما يتحمل الأطباء نسبة كبيرة من المسؤولية وذلك لعدم وعيهم بالقدم السكرية، التي يجب أن تدرج في التكوين المستمر للأطباء العامين بعد تخرجهم، إذ تبين من خلال الدراسة التي قمت بها أن 10 بالمائة من المرضى المصابين بالقدم السكرية قصدوا المستشفى في حالة متقدمة من التعفن، ليسوا على علم بأنهم مصابون بالسكري وهذا أمر خطير.
كلمة أخيرة؟ تبين لي من خلال الدراسة التي قمت بها على مستوى ولاية سطيف، أن التشخيص المبكر لمرض السكري لا يزال متأخرا، ما يعني أن الوعي قليل وأمامنا الكثير من العمل لإنقاذ المرضى على الأقل من بتر أرجلهم بالتأكيد على التوعية المستمرة.