انتخبت الجزائر رسميا أمس الثلاثاء لرئاسة مجلس وزراء المالية العرب للفترة 2014 -2015 ، وذلك خلال اجتماعات المؤسسات المالية العربية المنعقدة بالعاصمة التونسية، حيث دعا السيد كريم جودي وزير المالية أمس كافة الدول العربية إلى ترشيد وإصلاح نظم الدعم الحكومي بها؛ قصد جعلها تستهدف الفئات المحرومة دون غيرها. وطالب السيد جودي لدى افتتاح الدورة العادية الخامسة للمجلس، دول المنطقة ب "ترشيد العمل بنظم الدعم، وزيادة كفاءاتها، ورفع مستويات استهدافها للفئات غير القادرة؛ بغية إصلاح عدد من الاختلالات الهيكلية التي تواجه هذه الدول، وتحسين كفاءاتها في توزيع الموارد، وتعزيز الانضباط المالي فيها". وأشار إلى أن معظم نظم الدعم في الدول العربية، لم تعد قادرة على أن تؤتي ثمارَها المرجوة على صعيد حماية الفئات محدودة الدخل، حتى إن نسبة كبيرة من الدعم تذهب إلى الشرائح الأعلى دخلا في مجتمعات هذه الدول. واقترح الوزير أن يتم اعتماد آليات دعم جديدة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل دولة، وأن يتم تطبيقها بطريقة تدريجية؛ قصد ضمان نجاح هذا الإصلاح، الذي اعتبره "ضرورة ملحّة"، معربا عن أسفه لكون التجارب المتّبعة من قبل بعض الدول في مجال استهداف دعم الفئات غير القادرة، لم تحقق على العموم النتائج المنتظَرة منها. وتَوقّع أن يفسح هذا التوجه - إن طُبق - المجال لزيادة مستويات الإنفاق العام، المعزِّز للنمو الاقتصادي في المنطقة، والداعم لتحقيق العدالة الاجتماعية، وخلق فرص العمل المنتج في ظل معدلات البطالة العالية فيها. وأصبح الدعم الحكومي في الدول العربية يستنزف قدرا كبيرا من الموارد المالية في هذه الدول، وهو ما جعل المنطقة تصنَّف كواحدة من أكبر المجموعات الجغرافية المقدّمة للدعم على مستوى العالم، خاصة فيما يتعلق بدعم الطاقة، حسب الوزير. من جهة أخرى، دعا السيد جودي نظراءه العرب إلى عدم تجاهل أثر تداعيات الأزمة المالية العالمية على اقتصاديات بلدانهم، معتبرا أن هذه الأزمة لازالت "كامنة". كما أشار إلى ضرورة التفطن إلى وقع الصدمات المترتبة عن ارتفاع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، خصوصا أن معظم الدول العربية تعتمد على هذه الأسواق بشكل كبير، لاستيفاء احتياجاتها الغذائية. وتتطلب مثل هذه التحديات بذل المزيد من الجهود في المنطقة العربية، لاسيما تعزيز مسيرة الإصلاح الاقتصادي والمالي؛ بما يدعّم الموازين المالية والاستقرار، ويحقق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، ويخلق فرص العمل المنتج، ويرفع من تنافسية وقوة الاقتصادات العربية، حسبما أوصى به الوزير. وخلص إلى القول إن الإصلاح الاقتصادي في الدول العربية أصبح اليوم "ضرورة قصوى" حتى وإن كانت طبيعته تختلف من دولة إلى أخرى؛ نظرا لاختلاف خصوصيات اقتصاد كل دولة، وترتيب الأولويات الوطنية فيها. وتتناول الدورة الخامسة لمجلس وزراء المالية العرب، دراسة تجربة إحدى الدول العربية في مجال التعامل مع قضايا الدعم. كما تستعرض حصيلة الدورة السابقة التي ترأّسها الوزير التونسي، ومذكرة حول القضايا التي ستُطرح على صندوق النقد والبنك الدوليين. وانطلقت أمس بالعاصمة التونسية، أشغال الاجتماعات السنوية المشتركة للمؤسسات المالية العربية، التي تكرَّس أساسا لإحداث المزيد من التنسيق في السياسات المالية، والتفاعل مع المستجدات الاقتصادية على الصعيد الدولي والإقليمي. وتشارك في هذه الاجتماعات وفود وزارية عربية، من ضمنها الوفد الجزائري الذي يقوده السيد كريم جودي وزير المالية، كما يحضرها محافظو البنوك المركزية العربية، وممثلو الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وصندوق النقد العربي، والبنك العربي من أجل التنمية الاقتصادية في إفريقيا، والهيئة العربية للاستثمار والتنمية الفلاحية، والهيئة العربية لضمان الاستثمارات والقروض الخاصة بالصادرات. ومن بين المواضيع المطروحة على بساط البحث تقييم نشاط هذه المؤسسات المالية ونتائجها خلال السنة الفارطة 2013، ودراسة وإقرار برامج عملياتها التمويلية والاستثمارية لسنة 2014. وتضطلع هذه المؤسسات المالية العربية بدور ريادي في دعم البرامج والمشاريع التنموية في الوطن العربي، وتجسيد التعاون المشترك والارتقاء به بما يضمن تحقيق التكامل الاقتصادي، وتحقيق المزيد من المكاسب التنموية. وعلى هامش اجتماعات المؤسسات المالية العربية، ترأّس السيد جودي أشغال الدورة ال 5 لمجلس وزراء المالية العرب، الذي يبحث عدة قضايا تتمحور حول دعم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة العربية، وكذا مناقشة التطورات الاقتصادية الدولية والإقليمية، والتحديات التي تواجه اقتصاديات الدول العربية. من جهة أخرى، يشارك جودي في جلسات الدورة ال 4 لمجلس الإشراف على الحساب الخاص؛ من أجل تمويل المشاريع المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للقطاع الخاص بالبلدان العربية. واستُقبل وزير المالية، أمس، من طرف رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، على هامش الاجتماعات. وحسب مصدر مقرب من الوفد الجزائري، فإن المباحثات بين الطرفين تمحورت أساسا، حول السبل الكفيلة بدعم التعاون بين الجزائر وتونس، خاصة في المجالات الاقتصادية والمالية.