لا يختلف اثنان في أن الجزائر فوق كل الاعتبارات والحسابات، ولأجلها يهون كل شيء، هي الأم التي ضحى من أجل تحريرها أزيد من مليون ونصف مليون شهيد وكتبت لعينها قصائد لا تبلى ولا تشيخ، تغنت بجمالها وصمودها وحنانها الذي ليس له مثيل، وفي كل مناسبة تمس هذه الأرض الطيبة نجد الحناجر مستعدة، فيخرج كل فنان حجب عن الساحة من جحره المظلم الذي فرضه عليه التهميش ليؤدي واجبه تجاه وطنه بكل ما أوتي من موهبة وقدرة، بغية التأثير في الجماهير وإعادة التذكير بأن لا وطن لنا غير جزائرنا الحبيبة وأنّ وحدة شعبها من وحدة ترابها وأن لا مساس برموزها وتماسكها.. فالأغنية الوطنية كانت حاضرة قديما وبقوة، إذ ساهمت مساهمة فعالة في وحدة الصفوف وإرباك مستعمر غاشم، استوطن طويلا في بلد ليس له ناقة أو جمل فيه أو حتى خروف، ناهبا ثرواته قامعا شعبه، فكشفت الكلمة عن نوايا خبيثة لمستبد جائر صوّب سهمه نحو الجزائر وخرج منها مستسلما خائبا، متحسرا ذليلا بفضل إرادة شعب أراد التحرر واليوم ومع كل مناسبة، تعود الأغنية الوطنية إلى الواجهة، لتقوم بواجب التوعية والتنبيه من كل ما قد يحاك ضد الوطن، فترسل بذلك رسائل متعدّدة نبيلة تنشر الحب والسلام وتدعو إلى الوئام، مشيدة بسحر بلد يعجز عن وصف تقاسيمه الخيال، هذا البلد الذي يزخر بالأمان وجاذبية وجمال وشهامة شهب من الصعب أن يستغل أو يهان، هي الجزائر وما أدراك ما الجزائر، ففيها أبدع الشاعر بإلياذة لن تتكرّر يحلو لنا دائما تردادها: جزائر يا مطلع المعجزات ويا حجة الله في الكائنات ويا بسمة الرب في أرضه ويا وجهه الضاحك القسمات ويا لوحة في سجل الخلود تموج بها الصور الحالمات ويا قصة بث فيها الوجود معاني السمو بروع الحياة ويا صفحة خط فيها البقاء بنار ونور جهاد الأباةويا للبطولات تغزو الدنا وتلهمها القيم الخالدات وأسطورة رددتها القرون فهاجت بأعماقنا الذكريات وتبقى الجزائر فوق أي اعتبارات...