الزوار على موعد مع التنوع الثقافي والموروث الاجتماعي للمنطقة تحتضن قاعة ”الموقار” بالعاصمة الجزائر، فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية سكيكدة الذي يمتد من 27 أفريل إلى الفاتح ماي الداخل. وتحمل أجندة هذا الأسبوع فعاليات ثقافية وأخرى اجتماعية مختلفة تعكس التنوع الثقافي والموروث الاجتماعي لمنطقة سكيكدة التي ما تزال الأسر محافظة عليها باهتمام بالغ. قال السيد عبد الرزاق بلعابد المكلف بالاتصال ومستشار رئيسي بمديرية الثقافة لسكيكدة في حديثه ل«المساء”، بأن الأسبوع الثقافي لولاية سكيكدة يعد زائريه بالكثير من الفعاليات التي تعكس ثراء المنطقة في الجهة الشرقية من الوطن. وأوضح أنه تم اختيار أجندة الأسبوع الثقافي بدقة كبيرة، بحيث تعكس التقاليد العريقة للمنطقة من خلال معارض للصناعة التقليدية والحرف اليدوية ممثلة في الخزف والرخام والإمداد أو الصناعات الخشبية، إلى جانب التحف الفنية والصناعة النسيجية، إضافة إلى عرض مختلف الأكسسوارات الممثلة للحياة اليومية بمنطقة سكيكدة. إلى جانب هذا، هناك معارض إبداعية يشارك فيها فنانون تشكيليون منهم؛ أحمد بوعشاري، أحمد خليلي، كمال شريبط ونضيرة غازي، كما ينظم معرض خاص بكُتّاب ولاية سكيكدة، الأحياء منهم والمتوفون، على غرار الكاتب المجاهد والوزير السابق المرحوم عبد الرزاق بوحارة. ومن ضمن المعارض التشكيلية المقترحة على الزوار، يشير السيد بلعابد إلى معرض خاص بأشهر المعالم الأثرية في ولاية سكيكدة، حيث اهتم الفنانون التشكيليون بهذه المعالم وتجسيدها ضمن رسومات تحاكي طبيعة المنطقة الخلابة التي تحافظ على آثار تعود إلى فجر الإنسانية، والحديث هنا عن ‘قبور الدولمان' الواقعة بين منطقتي الزويت والقل غربا، وبلديتي قرباز والمرسى شرقا. كما توجد رسومات أخرى للمعلم التاريخي الآخر المعروف باسم ‘الخزانات الرومانية' الواقعة بشمال مدينة سكيكدة، إلى جانب معلم ‘المسرح الروماني' وسط سكيكدة. كما يقترح منظمو الأسبوع الثقافي السكيكدي تشكيلة من العروض الفنية والموسيقية بمشاركة فرق ما تزال تحافظ على موروث المنطقة الثقافي، ومنها فرقة ”المالوف” بقيادة فاتح روانة، إلى جانب فرقة ”الشعبي” بقيادة عبد الحميد جلواجي وفرقة ”العيساوة” لمدينة القل مبرمجة لإحياء حفل اختتام هذه التظاهرة الثقافية. وما كانت ”المساء” لتبتعد عن ”الموقار” قبل الطواف بأجنحة المعرض السكيكدي، حيث تحدثت إلى السيدة فطيمة عويش معلمة حرفية في الورد الصناعي والديكور، حدثتنا عن عادات المجتمع السكيكدي في إحياء أفراحه وأعراسه، فقالت المتحدثة بأن لأعراس منطقة سكيكدة تقاليد عريقة متوارثة عن الأجداد، ما تزال الأسر متشبثة بها عبر الأجيال، ومن ذلك أن تتصدر العروس سبع مرات وترتدي سبعة ملابس تقليدية تسمى محليا ”القندورة”، حسبما توضحه السيدة عويش قائلة: ”عروسنا تبدأ التصديرة ب«قندورة” سكيكدة المصنوعة ب«الفتلة” يدويا، أما باقي ”القندورات” فهي مأخوذة من تقاليد الوطن بأكمله، مما يوحي بتلاحم الأسر الجزائرية باختلاف مناطق تواجدها”. وبما أن ليلة حنة العروس من أهم ميزات العرس الجزائري، فإن هذه المناسبة السكيكدية يطبعها ارتداء العروس ل«قندورة” يطلق عليها ‘دراية الصْدف': ”وهي عبارة عن جبة بيضاء اللون يضاف عليها رداء من قماش يسمى ”الصدف” لونه زهري، أما الحكمة من لبس ”الدراية” البيضاء فهو فأل خير ليكون مستقبل العروس في بيتها الزوجية أبيض”. وتطبخ الأسر السكيكدية في أعراسها ”البربوشة” (الكسكسي) بمرق أحمر، إضافة إلى طبق ”الجاري” (شوربة) بالفريك بمرق أحمر، ويمتد الاحتفال إلى سبعة أيام وليال، وفي الليلة السابعة يتم ”تحزيم العروس” وهي عادة تقتضي بأن يقبل فتى يحمل ”محزمة الويز” ويضعها على خصر العروس كناية عن بداية حياتها الزوجية. أما الحكمة من قيام الفتى الصبي بذلك هو التبرك حتى تكون فاتحة ذرية العروس ذكرا يحمل اسم العائلة. أما الحلويات التقليدية المعروفة بمنطقة سكيكدة فتُعددها السيدة عويش ب«مقروض الغرس”، ”كعك النقاّش بالغرس”، ”القريوش”، ”قرن غزال”، ”البقلاوة” و”الغريبية”. أما من عادات المائدة الرمضانية السكيكدية، فتكون زاخرة ببعض الأكلات الشعبية التقليدية التي ماتزال تحتفظ بمكانتها الخاصة، على غرار طبق ”التْريدة” المعتمدة أساسا على العجين في تحضيرها، إذ عادة ما تكون الطبق الثاني بعد ”جاري فريك” (أي طبق الشوربة بالفريك)ولا ننسى ”البوراك” ويسمى محليا ”البريك”، وهي معجنات تحظى بأهمية كبيرة لدى العائلات السكيكدية، إذ يحبها الصغير والكبير وتعتبر من أساسيات المائدة الرمضانية التي يحضر عليها أيضا ‘طاجين الحلو' الذي يكون خاتمة المائدة لتدوم حلاوة الشهر الفضيل، ويتكون طاجين الحلو أساسا من البرقوق أو ‘عين البقرة' كما يسميه السكيكديون، إلى جانب اللحم. أما حلويات عيد الفطر المبارك فلا تختلف عن حلويات باقي المناسبات السعيدة، ويكون ”المقروض بالغرس” و”قرن الغزال” و”الغريبية” و”البقلاوة” من أساسيات محليّات هذه المناسبة السعيدة.