أكد المجاهد محمد غفير المدعو ”موح الكليشي”، على أن 80 بالمائة من ميزانية الثورة الجزائرية كان مصدرها الجالية الجزائرية، مطالبا بضرورة الاعتراف بشهداء الثامن ماي 1945، ودمجهم في قائمة المليون ونصف المليون شهيد. أشار المجاهد محمد غفير في برنامج ”وقفات تاريخية” للديوان الوطني للثقافة والإعلام، الذي احتضنته قاعة ”الأطلس” بباب الوادي، أول أمس، إلى أنّ مظاهرات الثامن ماي 1945 همزة وصل بين إنشاء أوّل حزب سياسي ”نجم شمال إفريقيا” ومظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس، والتي تعد آخر ”معركة” للثورة الجزائرية، مضيفا أنّ هذه المظاهرات لم تأت من العدم، بل تعود جذورها إلى إنشاء ”نجم شمال إفريقيا” الذي تزعمه مصالي الحاج وترأسه شرفيا الأمير خالد. وأضاف أحد مسؤولي فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني أنّه كان يبلغ 11 سنة من العمر، حينما شهد مجازر الثامن ماي 1945 بقرية قنزات، وقدّم مقارنة بين هذه المجزرة وبين ما حدث في 17 أكتوبر 1961، حيث أكد بأنهما مسيرتان سلميتان قمعتا بشراسة، علاوة على أنّ ديغول كان له يد فيهما بحكم أنه كان مسؤولا في تلك الحقبتين. وتطرّق المجاهد -الذي اعتبر أنّ شهاداته أمانة أمام الله والشهداء-، إلى تأسيس أوّل حزب سياسي هو ”نجم شمال إفريقيا” بباريس وضمّ مناضلين من الجزائر، المغرب وتونس، وكيف تحول إلى حزب جزائري محض بتسمية ”حزب الشعب الجزائري” سنة 1937 بباريس أيضا، لتنتقل مهامه إلى الجزائر. وفي هذا السياق، تحدّث المجاهد عن رزقي كحال مساعد مصالي وابن قنزات (سطيف)، الذي تعرّض إلى السجن وأضرب عن الطعام ليتوفى جراء ذلك، ويضيف أن كحال هو أوّل من طالب بضرورة الكفاح المسلح ضد العدو، كما تناول ”موح كليشي” بعض تفاصيل مجزرة الثامن ماي 1945، وكيف انطلقت بسلمية وسط أعلام جزائرية وفرنسية وبريطانية وأمريكية، للمطالبة بتحقيق وعد استقلال كل ّالدول المستعمرة بعد نصرة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ليشير إلى حادثة مقتل بوزيد سعال بعد أن رفض تسليم علمه الجزائري إلى فرنسي، لتتحوّل المسيرة السلمية إلى مجزرة دفع فيها الجزائريون ثمنا باهظا. وفي هذا الصدد، اعتبر المتحدّث أنّ الجنرال ديفال أخبر حكامه عن قدرة الجيش الفرنسي في إخماد مظاهرة 8 ماي 1945، ليؤكّد أنّ الجزائريين لن يتحرّكوا لمدة عشر سنوات وبعدها لا يمكنه التخمين بما سيحدث، إلاّ أنّ الجزائريين تحرّكوا بالفعل بعد تسع سنوات باندلاع الثورة التحريرية المجيدة. وأكّد المتحدّث أنّ الجزائريين لم يتوقّفوا عن مقاومة المستعمر منذ أن وطأت قدماه بلد الشهداء، رغم قوّة المستعمر الذي حاول خنق الثورة الجزائرية، إلاّ أنّه فشل في تحقيق مراده، ليضيف أنّ الجالية الجزائرية ساهمت بصفة كبيرة في استقلال البلد من خلال انجازها لثلاث نقاط تناولها مؤتمر الصومام، وهي ”تنظيم الجالية الجزائرية، توفير الأموال لنصرة الثورة والتحسيس بأهميتها”. للإشارة، صدر لمحمد غفير كتاب عن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس وأرفقه بالعديد من البيانات والوثائق التاريخية إلى درجة اعتبره بعض الباحثين المؤلف الأكثر توثيقا المتعلق بتاريخ الجزائر.