يبدو أن الأزمة السياسية في ليبيا، تتجه نحو مزيد من التعقيد بعد أن ساد الاعتقاد أنها تسير باتجاه الانفراج في ظل تعالي الأصوات الرافضة للاعتراف برئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق. ورفض المسلحون المسيطرون على المواقع النفطية بشرق البلاد، الاعتراف برئيس الوزراء الجديد بعدما اعتبروا أن انتخابه تم بطريقة غير شرعية. وبينما قال علي الحاسي، المتحدث باسم حكومة إقليم برقة المعلنة من جانب واحد “إننا نرفض التعامل مع معيتيق لأن انتخابه لم يكن شرعيا”، دعا رئيس هذه الحكومة عبد ربه البرعصي، إلى تنظيم انتخابات جديدة في موقف أكد عمق الأزمة السياسية التي تتخبط فيها الساحة الليبية. ولم يقتصر رفض معيتيق وهو رجل أعمال منحدر من مدينة بنغازي، على دعاة الفيدرالية فقط بل سبق ورفضه عدد من النواب الذين شاركوا في جلسة الاقتراع الأسبوع الماضي، والتي تخللتها مشادة كلامية وفوضى عارمة اثر رفضهم نتيجة التصويت. وهو ما يؤكد أن معيتيق، لا يحظى بالإجماع الذي يسمح له بقيادة حكومة مؤقتة تداول عليها أربعة رؤساء في ظرف عامين دون أن يتمكن أي منهم من تحقيق الهدف المنشود في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان. ثم إن رفض دعاة الفيدرالية الاعتراف بمعيتيق ينذر باحتمال إعادة النظر في الاتفاق المعلن في السادس افريل الماضي، بين أنصار الفيدرالية في الشرق الليبي، والحكومة المؤقتة التي كان يترأسها عبد الله الثني، برفع الحصار تدريجيا عن الموانئ المحاصرة. ويفرض دعاة الفيدرالية حصارا على المنشآت والموانئ النفطية بشرق البلاد منذ شهر جويلية 2013، حيث منعوا تصدير النفط منها باتجاه الخارج وهو ما أدى إلى تراجع الإنتاج الليبي من هذه المادة الحيوية إلى 250 ألف برميل يوميا بعدما كان يبلغ 1,5 مليون برميل يوميا في الظروف العادية. وبنفس درجة تأزم الوضع السياسي في ليبيا، يزداد الوضع الأمني المنفلت تفاقما أكبر في ظل استمرار أعمال العنف من اغتيالات وهجمات ومواجهات مسلحة، وخاصة بمدينة بنغازي التي تحولت إلى مسرح لمختلف أشكال العنف. واستيقظ الليبيون أول أمس، على وقع خبر اغتيال رئيس المخابرات في شرق البلاد، العقيد إبراهيم السنوسي عقيلة، اثر هجوم مسلح استهدفه من قبل مجهولين لاذوا بالفرار. وقال مصدر امني رفض الكشف عن هويته إن “العقيد السنوسي تعرض لطلقتين أصابته إحداهما على مستوى الرقبة عندما كان يقود سيارته” في قلب مدينة بنغازي. وتزامنت عملية الاغتيال مع مقتل ثلاثة جنود من الشرطة القضائية، وإصابة آخرين في إطلاق نار استهدفهم من طرف مسلحين مجهولين بالعاصمة طرابلس، التي تتخبط هي الأخرى في انفلات أمني خطير. وقال وزير العدل الليبي، صلاح المرغني، إن “مسلحين مجهولين استهدفوا تسعة جنود من عناصر الشرطة القضائية كانوا في مهمة ملاحقة سيارة مسروقة غرب العاصمة طرابلس، ما أدى إلى مقتل ثلاثة وإصابة ثلاثة آخرين”. وتحولت القوات الأمنية الليبية بمختلف تشكيلاتها إلى هدف مفضّل للمسلحين الذين صعّدوا من أنشطتهم الهجومية ضمن انفلات امني شامل عم مختلف أنحاء البلاد أثار قلق المجموعة الدولية. وهو القلق الذي أبداه الأمين العام الاممي، بان كي مون، خلال لقاء جمعه بالرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو، بالعاصمة روما. ولم يخف مون “قلقه البالغ إزاء مستوى العنف في ليبيا، وعن إدراكه لما قدمته إيطاليا من أجل الليبيين وما تتحمله من تدفق أفواج المهاجرين المتكدسين في مراكز الاستقبال في جزيرة صقلية”.