لم ينتظر فرقاء الحرب في جنوب السودان، طويلا لتبادل الاتهامات بينهما بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الرئيس سيلفا كير، ونائبه السابق المتمرد عليه ريك مشار، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ودخل هذا الاتفاق الذي انتظره شعب جنوب السودان بفارغ الصبر حيز التطبيق ليلة السبت الى الأحد، تتويجا للقاء الذي جمع الرئيس كير ونائبه السابق ريك مشار، بعد ضغوط دولية متزايدة عليهما لوقف الحرب المتأججة بين قواتهما منذ منتصف شهر ديسمبر الماضي. ويبدو أن الآمال الذي علقها الجنوبيون على هذا الاتفاق بدأت تتبدد في ظل هذه الاتهامات، والتي قد تعيد عقارب ساعة الحرب الى نقطة البداية ولكن هذه المرة بأكثر ضراوة. وبقدر ما اعتبر متتبعون اتفاق العاصمة الإثيوبية بأنه بارقة أمل لعودة الاستقرار الى هذا البلد الناشئ، فإن ذلك لم يمنع من وضع سؤال كبير حول ما إذا كان الاتفاق سيصمد أمام تراكم الشحناء بين فرقاء هذه الحرب، ولم تكن هذه الاتهامات إلا محصلة طبيعية لتنافر المواقف بينهم. ففي بيان أصدره المتمردون بقيادة مشار، أكد أن قوات الرئيس سيلفا كير قامت بعمليات برية مصحوبة بقصف مدفعي مكثف لمواقعهم في ولايات نفطية بشمال البلاد، سارعت حكومة جنوب السودان، الى نفيها وأكدت أن المتمردين كانوا السباقين الى شن هجمات على وحداتها. وقال لول ريواي كوانغ، الناطق باسم القوات المتمردة ان خرق بنود اتفاق أديس أبابا، يؤكد إما أن سيلفا كير منافق ولا يقول كل الحقيقة، وإما انه لا يتحكم في قواته بالكيفية التي تجعلهم يمتثلون لقراراته وتعهداته الدولية. وأكدت عدة تقارير أمس، اندلاع مواجهات في محيط الحقول النفطية بمدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة في شمال البلاد، والغنية بهذه المادة الإستراتيجية وشكلت سببا مباشرا في وقوع معارك ضارية بين قوات الجانبين المتناحرين، بينما اتهم المتمردون القوات الحكومية بضرب مواقعهم في ولاية النيل الأعلى المجاورة، وأكدوا أنهم سيكونون مضطرين للرد على هذه الهجمات للدفاع عن أنفسهم. وهي الاتهامات التي نفاها كيول مانيانغ، وزير الدفاع في حكومة جوبا، وقال إن المتمردين كانوا أول من هاجم مدينة بانتيو، وأنهم تكبدوا خسائر كبيرة بمقتل 27 من عناصرهم في نفس الوقت الذي أكد فيه اتني ويك، الناطق باسم الرئيس سيلفا كير، أن الحكومة أعطت أوامر صارمة للجيش لاحترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار إلا في حالة الدفاع الذاتي. ويمكن القول في ظل هذه الاتهامات انه من الصعب التأكد من حقيقة ما يحدث، والجهة البادئة بخرق الاتفاق في غياب أية هيئة لمراقبة مدى التزام الجانبين واحترامهما لبنود اتفاق أديس أبابا.