بكثير من الحسرة والحزن وبعيون تملؤها الدموع وبكلمات أغنية "يا أسمر اللون" نعت كلّ من الفنانة منى واصف، دريد اللحام، ليلى العقاد ومحمود ياسين قيصر السينما الفقيد صاحب "الرساله" مصطفى العقاد في ندوة تكريمية بفندق الشيراطون على هامش فعاليات الطبعة الثانية لمهرجان الفيلم العربي. مصطفى العقّاد الإنسان هو الجانب الذي أراد أن ينيره الحضور من أصدقاء المخرج ومن عايشوه تتقدّمهم شقيقته ليلى العقّاد التي روت للحضور ذكريات جمعتها مع مصطفى وكيف كان متفوّقا على أترابه، ثمّ شغفه بالسينما ومعارضة الأهل لهذا الميول، ثم سعيه للعمل ببنك بريطاني حتى حصوله على تذكرة سفر إلى أمريكا وهناك استطاع أن يخترق ليس هوليود معقل الفن السابع فقط بل وحتى عقول الغربيين أنفسهم. العقاد- تقول شقيقته-كان إنسانا محبّا وعاطفيا تجمعه علاقات صداقة مع الكثير من الناس، خفيف الروح يحبّ النكت، كما أنّه كان عربيا في الصميم يسمع صباح فخري ويعشق استضافة الفنانين العرب القادمين إلى أمريكا حتى لا يشعروا بالغربة. أمّا صديقه المقرّب الفنان دريد لحام الذي كان يجمعه بالعقّاد ودّ خاص -على حد قول الناقد السوري رفيق الصبان الذي أدار الندوة- فأشار بدوره إلى أنّ المحتفى به كان العربي الوحيد الذي هاجر إلى الغرب ولم يسع أبدا إلى تغير اسمه وبقي مصطفى كما سمى أبناءه طارق، مالك وزيد وريم . دريد أكّد في سياق حديثه أنّ المخرج الراحل كان يعشق الأعراس ويعتبرها رمزا للأمل واستمرار الحياة والفرح لذلك كان يحضر كلّ الأعراس التي يدعى إليها من طرف أصدقائه و"هكذا جاء لعرس ابنه "ثائر" يقول دريد لحام دون أن أتوقّع مجيئه، ليشاء القدر أن تطاله يد الإرهاب عندما كان يحضر عرس أحد أصدقائه". رئيس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة أكّد أنّ العقاد كان يسعى دائما للحفاظ على انتمائه العربي الإسلامي واستطاع أن يكون فارس السينما العربية، معبّرا عن خشيته من أن يكون الاخير. منى واصف التي قاسمت العقاد عناء انجاز فيلم "الرسالة" قالت "بعد إيقاف تصوير العمل بالمغرب بكيت واعتقدت أنّ فرصة العمل مع العقّاد ضاعت، لكنّه أكّد لي أنّ العمل سيستمر وروى لي كيف بقي سبع سنوات وهو ينتقل بسيناريو "الرسالة" باحثا عن مموّل للعمل"، لتتأسّف بالمقابل عن رفض العديد من الدول العربية وعلى رأسها وطنه سوريا وكذا مصر عرض هذا الفيلم إلاّ بعد وفاته. منى واصف وهي تنعي صاحب "الرسالة " بكلمات أغنية "يا أسمر اللون" التي يعشقها أكّدت أنّ العقّاد رحل عندما فكّرت أخيرا سوريا في تكريمه للمرّة الأولى، مشيرة في سياق متّصل أنّ العقّاد لم يكن مخرجا وإنّما صاحب مشروع وهو ما تدلّ عليه أعماله التي لا تحدّد بالعدد وإنّما بالقيمة. محمود ياسين اقشعر بدنه وكاد يبكي عندما كشف رفيق الصبا أمام الحضور عن حديث خاص جمعه مع المخرج الراحل قال له فيه "هذا الفنان يحتاج إلى دور مناسب ليكون أحد النجوم العالمين، أنا أفتّش له عن هذا الدور وسأضعه على سلم الشهرة كما يستحق"، ليؤكّد أنّ موعدا شاء القدر أن لا يتمّ كان بينه وبين الراحل حيث أياما قبل وفاته اتّصل به خلال مهرجان القاهرة وقال له "أنا احتاج إليك.."، محمود ياسين تحدّث عن فرصة مشاركته في عمل "الرسالة" من خلال قراءة الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة معتبرا ذلك فرصة لا تعوّض. لتختتم الندوة بنعي على الطريقة السورية قدّمته الفنانة منى واصف تخليدا لروح المخرج لتغني له رفقة دريد لحام أغنية "يا أسمر اللون".