قال المدير العام لصندوق منظمة الدول المصدرة للنفط للتنمية الدولية والاستثمار سليمان الحربيش مؤخرا بمناسبة انعقاد قمة الرياض للأوبيك أن الوقود البيولوجي يعد "حلا وهميا"، معتبرا أنه من قبيل المجازفة الإعتماد على هذا المورد كبديل للنفط· وليست هي المرة الاولى التي يتم فيها الحديث عن عدم قدرة هذا النوع من الوقود ليحل محل البترول أو الغاز· بل انه كان محل انتقاد واسع لاسيما بعد ان عرفت اسعار المواد الغذائية ارتفاعا كبيرا في الاسواق العالمية، فأصابع الاتهام وجهت للوقود البيولوجي الذي اعتبر من قبل البعض مهددا للأمن الغذائي خاصة عندما تم اللجوء اليه بصفة كبيرة على خلفية ارتفاع اسعار المحروقات· ويتأكد مثل هذا الطرح إذا ما علمنا أن كمية الذرى الضرورية لانتاج 7ر3 لتر من الوقود الصافي تعادل تغذية شخص واحد لمدة عام بكامله بما يجعل في نظره من التوهم بل من غير المعقول استبدال النفط بطاقة مكلفة إلى هذه الدرجة· ولهذا تساءل الحربيش قائلا: "هل يحق لنا استعمال الفلاحة لأغراض طاقوية بينما لا يزال الجوع سائدا وفي وقت يعيش فيه ملايين الأشخاص من سكان المعمورة ب 100 دولار فقط سنويا؟" · بالفعل فإن السؤال يطرح لأن مواجهة ارتفاع أسعار النفط ولو أنه شرعي لدى الدول المستهلكة وبالخصوص لدى المستهلكين الصغار أي المواطنين الذين في حقيقة الأمر يدفعون الثمن ليس لارتفاع أسعار النفط ولكن لارتفاع حجم الضرائب المطبقة على البنزين، فإنه إن تم بطريقة فوضوية سيفتح الباب امام مشاكل اخرى· وظهرت حساسية هذا الإشكال بصفة واضحة في السنوات الاخيرة، ولاحظ العالم كيف ان اسعار السكر ارتفعت فجأة في الاسواق الدولية بسبب الاستعمال المتزايد لهذه المادة في صناعة البنزين ببلدان امريكا اللاتينية التي عرفت تطورا كبيرا في هذا المجال وشهدت تزايدا في تجارة السيارات التي تسير بالبنزين البيولوجي التي اصبحت تدر على شركات صناعة السيارات ارباحا هامة· وتحفظت العديد من الدول المعروفة باستهلاكها الكبير للمحروقات من تشجيع استخدام البنزين البيولوجي رغم الضغط الذي تمارسه جمعيات مهتمة بالبيئة على حكومات هذه البلدان من أجل خفض استخدام مشتقات البترول لكونها غير نظيفة ومضرة بالمحيط· لكن هل ستعيد هذه الجمعيات حساباتها بعد أزمة الغذاء الحالية التي انعكست سلبا على مستوى معيشة الكثير من مواطني الدول المتطورة، حيث ارتفعت مستويات التضخم ليجد هؤلاء أنفسهم في آخر المطاف بين سندان النفط ومطرقة الغذاء اللذين يبدو انهما اتفقا على الصعود عاليا في منحى الاسعار · وبين هذا وذاك لا يغفل احد الدور الكبير الذي يلعبه المضاربون في معادلة الاسعار سواء تعلق الامر بالنفط او الغذاء، فهؤلاء فاعلون بدرجة كبيرة في الاسواق العالمية وعلى مستوى البورصات خصوصا حيث يتم تحديد اتجاهات السوق بتوظيف كل العوامل حتى الجيو استراتيجية في سبيل تحقيق الاهداف المنتظرة· وهو ما يتم حتى في ظل توفر الكميات الكافية جدا من النفط الذي تباع كميات كبيرة منه تحت الطاولة بين الدول المنتجة والمستهلكة وبين أطراف أخرى ساعدها ارتفاع الاسعار في اللعب بالسوق السوداء· *