اختتمت أمس، الدورة الربيعية للبرلمان لسنة 2008 بمجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني وهي الدورة التي وصفت بالمتميزة والمكثفة بالنظر إلى الحجم الهائل لمشاريع القوانين التي تمت مناقشتها والمصادقة عليها من قبل أعضاء ونواب الغرفتين. بالإضافة إلى الأسئلة الشفوية والكتابية المقدمة والمتعلقة بملفات حساسة ومتنوعة بهدف تحسين وتنظيم القطاعات وتسليط الضوء على القضايا التي تهم المجتمع. وأجمع رئيسا الغرفتين في كلمتهما على اهتمام هذه الدورة بتعزيز مسار الإصلاحات ومواصلة عمل البرلمان لترقية المنظومة الوطنية وتحسين أدائها بما ينسجم والمعطيات الوطنية والدولية. نوه رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح أمس الثلاثاء بتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الرامية إلى إعادة النظر في التنظيم الإقليمي للجزائر، مؤكدا أن هذا سيكون قرارا تاريخيا طالما طالب به العديد من السكان وفي مناطق عديدة من البلاد. وأوضح السيد بن صالح في كلمة له بمناسبة اختتام دورة الربيع لسنة 2008 لمجلس الأمة أن هذا الإجراء سيساعد في "إعطاء الانتعاش والحركية للجماعات الإقليمية وفي ترتيب أولويات التنمية" . وأشار رئيس مجلس الأمة إلى أن أعضاء المجلس بحكم انتماء أغلبيتهم في السابق للهيئات المنتخبة محليا يدركون حقيقة وإبعاد هذا القرار مما "يدفعنا إلى التنويه به وبمقاصده المؤسساتية النبيلة ولما يتضمنه من أهداف وأبعاد اجتماعية واقتصادية وإدارية وسكانية واضحة" . وأكد في هذا السياق أن هذه الأهداف "تمكن الجهات المسؤولة من الاضطلاع بانشغالات المواطن والتكفل بها التكفل الأحسن بما من شأنه تدعيم الدولة الوطنية العصرية القوية والمجتمع المتقدم الأصيل" . ومن جهة أخرى عدد رئيس مجلس الأمة في كلمته مختلف النشاطات التي قام بها المجلس خلال هذه الدورة التي وصفها بواحدة من الدورات المتميزة حيث قال فيما يخص النقاشات أنها كانت جد مركزة وهي في غايتها النهائية كانت تهدف إلى لفت الانتباه وإثارة الاهتمام بالقضايا الهامة التي تواجه المجتمع. وذكر السيد بن صالح أن هذه النقاشات "وان طرحت تساؤلات وانتقادات مشروعة فإنها وجدت مبررها في الرغبة المشتركة والحرص الكبير الذي ما فتئ كل واحد من أعضاء المجلس يوليه لتغيير الأوضاع لما هو أحسن" . وفي هذا السياق تحدث عن دور اللجان الدائمة ضمن الهيئة الذي يعد -كما قال- "عملا مؤسساتيا هاما يترجم إرادة صادقة يعبر عنها ويترجمها عمل جاد يقدمه أعضاء اللجان الدائمة في المجلس وأعضاء الحكومة" . موازاة مع النشاط التشريعي يحتل الدور الرقابي لمجلس الأمة -حسب السيد بن صالح- مكانة واضحة يترجمها الاهتمام المتزايد لأعضائه بها وهو الاهتمام الذي يجد تعبيره في الأسئلة الشفوية والكتابية العديدة التي يوجهونها لمسؤولي الهيئة التنفيذية ويرمون من ورائها شد انتباه الحكومة إلى القضايا ذات الصلة بانشغالات المواطن. وفي المجال الدولي قال رئيس المجلس أن الأعضاء تعاطوا خلال هذه الدورة أيضا مع الشأن الدولي من منظور يرمي إلى تبليغ وشرح مواقف الجزائر وتأكيد حضورها على المستويات البرلمانية الإقليمية والدولية بما يمكننا -حسب ما جاء في كلمته- من متابعة وإبداء الرأي في المواضيع المطروحة فيه. إلى جانب هذه النشاطات أوضح السيد بن صالح أن المجلس يسعى منذ مدة إلى استحداث فضاءات فكرية وثقافية جدية من خلال تنظيم نشاطات متنوعة الغرض منها "نشر وترسيخ الثقافة البرلمانية المرادفة للثقافة الديمقراطية" . وفي هذا الشأن أكد أن المجلس "حرص على أن تكون هذه الفضاءات إطارا لتبادل الرؤى والتصورات وتقديم المقترحات الاستشرافية التي يمكن الاسترشاد بها بعيدا عن الارتجال والتسرع" . وعدد بالمناسبة بعض النشاطات الفكرية التي شارك فيها برلمانيون وأساتذة جامعات وباحثون جزائريون وأجانب كالندوة المخصصة للمنظمة العالمية للتجارة والندوة الخاصة بالدفاع الاقتصادي. هذا وكانت المناسبة من جهة أخرى فرصة علق فيها رئيس المجلس على بعض الأحداث والتطورات. وفي هذا الباب قال ان التطورات التي تعرفها الساحة الوطنية في جانبها الاجتماعي والاقتصادي "تستوقفنا" مضيفا أن المعاينة التقويمية تتطلب منا خاصة إحصاء المنجزات وتسجيل النتائج قبل إعطاء الأحكام. وأكد السيد بن صالح من هذه الزاوية -وفق ما جاء في كلمته أمام المجلس- بأن "سياسة توفير المياه لمدن ومناطق عديدة وتشييد مئات الآلاف من السكنات لهي حقائق تستحق التسجيل وتحتم الإقرار بل التنويه بها..." "لكن بروز بعض مظاهر التوتر الذي عرفته بعض مناطق مدننا وبقاء بعض الظواهر السلبية الناجمة عن تحولات المرحلة لهي بالمقابل -يؤكد السيد بن صالح- ظواهر غير مريحة تدعونا اليوم إلى الاهتمام والتكفل بها" . وتطرق في هذا الإطار إلى ما كشف عنه الإحصاء الأخير قائلا بأنه "لئن اعتبر البعض هذه السلبيات والنقائص بالعادية إلا أنها تحمل في طياتها مخلفات تمس بالدرجة الأولى الفئات الاجتماعية الهشة وغير المهيأة لمواكبة سرعة التطور". وقال رئيس الغرفة العليا للبرلمان أن هذا الخلل "هو الذي كان سببا في قيام بعض حالات التوتر التي برزت هنا وهناك وكانت سببا في بعض الاختلالات وبروز بعض الأوضاع غير الايجابية" . وفي هذا الشأن اعتبر أن استدراك هذه الأوضاع ومعالجة هذه المخلفات والعمل على مواجهة هذه التحديات أصبح الآن "مطلبا حيويا يستنطقنا جميعا" و بأنه "امتحان يتوجب علينا تذليل تحدياته" . هذا ولاحظ في الأخير أن الإشكال اليوم "ليس في توفر الإمكانات المالية ولا في عدم توفر الإطارات الوطنية القادرة على تنفيذ البرامج وإنما في ضرورة عمل وتجند الجميع من أجل الخروج من هذه الأوضاع غير المريحة والانطلاق للعمل بما من شأنه مضاعفة وتيرة التحرك الاقتصادي والعمل بتصميم على تجذير سياسة الإصلاح المنتهجة" . (واج)