تمثل رواية الرعب وعاء يفرغ فيه الكاتب الهاوى لهذا النوع من الكتابات ابداعه، وعرفت انتشارا بين الكتاب الشباب الجزائريين الذين يستهويهم استقطاب القراء فى رحلة مشوقة تعتمد على بث الرعب فى القلوب بإستخدام أدوات خاصة بهذا اللون الأدبى الذى أردنا التعريف به من خلال رؤية الناقد الجزائرى جايلى العياشى الذى اعتبرها موجة جديدة على مجتمعنا لها أسبابها ومبرراتها ونتجت عن التطور الفكرى بشقيه الإيجابى والسلبى . أفادنا كثيرا الناقد من خلال ما تكرم به من توضيحات وإضافات وذكر أسماء لمعت ولم تنجح ليكشف لنا ضيف المسار العربى الأسباب من وراء هذا الفشل كما فتح قوسا للحديث عن قصص الفن الشعبى التى استعانت هى الأخرى بالخوارق والفرق بين ماكتبه العرب وبين ماكتبه الغرب . أدعو قراء جريدة المسار العربى للتعرف على رواية الرعب وشروط كتابتها المسار العربى :الحديث والكتابة فى موضوع الرعب فى الرواية أو روايات الرعب ، حشد كبير من الكتاب الشباب ركبوا الموجة حتى صار عدد الكتب بالنسبة للكاتب الواحد مايفوق خمسة إصدرات . .ماذا يقول الناقد جايلى العياشى فيما طرحناه؟ الناقد جايلى العياشى :في الواقع أن الكتابة في مواضيع تتعلق بالرعب، هي موجة جديدة على مجتمعنا، أو نزعة لها أسبابها و مبرراتها،نتجت أساسا عن التطور الفكري بشقيه سواء كان السلبي. أو الإيجابي، و هي في الغالب تعبر عن محاولة استظهار لحالات نفسية عصية، يعاني منها الفرد و المجتمع و أن أغلب هذه الكتابات تترجم إلى افلام لتستفيد منها شريحة كبيرة. من المجتمع، و نحن نعلم أن للصورة و الصوت و الحركة أثرا أكثر من قراءة النص، و اأن هذا النوع من الكتابات. يقتضي من الكاتب أن يكون خبيرا في علم النفس المرضى و مدركا لمراحل النمو و الإنفعالات و التفاعلات و… التي تساهم في خلق أزمات في المجتمع… المسار العربى :برؤية النقاد تستنثنى كتب الخاطرة كما تستثنى كتب الرعب من الجنس الأدبى ..نريد توضيحا. الناقد جايلى العياشى :بدأ هذا النوع من الأدب في العالم العربي في بداية التسعينيات ، و قد جاء كنتيجة حتمية للتحولات السياسية و الإجتماعية المفصلية و العميقة،التي عرفها المجتمع العربي انذاك، بما فيها سياسة الإنفتاح على العالم الغربي، و خاصة العالم الأمريكي الذي. يتميز بهذا النوع من الأدب، و نذكر على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الدكتور"أحمد خالد توفيق " من مصر الذي يعتبر الأب الروحي لأب الرعب في العالم العربي و الذي صدر له أول عمل في سنة 1994 ،بعنوان "ما ردوراء الطبيعة "،و الكاتب "عمر مرزوق" كذلك من مصر صاحب رواية ( ميدوم). ،هذا فضلا عن كتاب آخرين خاضوا في هذا هذا النوع من الأدب،و قد نجحوا إلى أبعد الحدود من حيث المبيعات، لكن من حيث القيمة الفنية للنص الأدبي لم ينجح أحد. المسار العربى :هل البناء الدرامى هو أهم سبب جعل من كتابات الرعب وكتابات فى الخاطرة لا تستجيب لجنس الأدب لتحقق الفشل؟ الناقد جايلى العياشى :في الحقيقة أن نصوص الخاطرة و قصص أو روايات الرعب هي ليست جنسا أدبيا قائما بذاته، بل هي لون أدبي ، و قد لا ترقى إلى هذا الإسم كونها. تفتقر لأهم العناصر الفنية التي تجعل من النص الأدبي كيانا قابلا للحياة، كونه يستمد هذه الحياة من الأنساق الإجتماعية. البناء الدرامي وحدة لا يكفي لنفخ الحياة في نص أدبي، صحيح هو عنصر فني هام، لكن لا يعول عليه في إنتاج نص أدبي مكتمل بكل قيمه الفنية و الجمالية ، التي تجعل منه لوحة فنية ذات معاني و دلالات، و ذات روح نتحسسها و نحن نقرأ النص. …. الخاطرة هي عبارة عن لحظة تأمل يستسلم فيها الكاتب لأحاسيسه و مشاعره و روحه، ليقول كل ما يخطر على باله من هواجس و آمال و طموحات و آلام و.. سواء كان ذلك واقعيا أو خياليا….. أما قصص و روايات الرعب تعتمد أساسا على الإثارة لاقحام المتلقي للشعور بالرعب ، قد يكون هذا النوع من القصص علاجا لبعض الأمراض النفسية العصية، كونه يجعل الذات في مواجهة ذاتها ، لإرغامها على إخراج ما يتخمر في أعماقها. المسار العربى :نلاحظ أن كلمات الحب قد تتأخر فى الوصول للمتلقى عكس كلمات الرعب ..تصل بسرعة إليه وتجنده ضمن القراء الذين تم السيطرة عليهم ..كأنها سياسة ممنهجة. الناقد جايلى العياشى :الحب مشاعر الذات و أحاسيها النبيلة،. و هي أجمل و أرقى ما في الإنسان، بينما الرعب و الخوف هو ذلك السلوك العنيف الذي يلجأ إليه الفرد بعد اليأس و الحرمان من الحب أو حرمانه من حق يستحقه، فانتزاع الحقوق من أصحابها. هو أيضا تعدى على الحب، اليتم تعدى على الحب و الطلاق تعدى على الحب ، فكل ما يسيء لطبيعة الإنسان هو في الحقيقة تعدى على الحب، فالحب الذي لا نتيح له الفرصة لينمو، و يمر ليصل إلى مبتغاه بطريقة سلسة، سيأتي اليوم الذي يتشظى فيه ردا على الحرمان. المسار العربى :توضح من خلال ردكم على السؤال نوع القراء الذين يميلون لكتابات الرعب ، والشعب العربى يميل للرومانسيات والشعب الغربى تستهويه كتابات الرعب وتحويلها لأفلام سينمائية .. هل هنالك رسائل مشفرة ترسلها الكتابة من خلال ماتحويه من رعب ؟ الناقد جايلى العياشى :أكيد، فإذا أردنا أن نتعرف على واقع أمة ما دون أن نزوها، علينا أن نقرأ أدبها، الأدب هو المرآة. التي تعكس حياة الأمم و تركيبتها بما فيها السياسة والتركيبتين الإجتماعية الإقتصادية، فعندما. نقرأ الروايات الجزائرية التي صدرت في العشرية السوداء نستشف حجم المأساة التي مر بها المجتمع الجزائري في تلك الفترة، و عندما نقرأ البؤساء لفكتور هيڨو تتضح لنا الرؤية حول المجتمع الفرنسي في تلك الفترة. لذا فإن أي نص مهما كان جنسه و نوعه و لونه الأدبي فإنه يحمل رسالة سواء كانت مشفرة أو صريحة، فالرسالة التي نستشفها من أدب الرعب تتخلص في المستوى الفكري و الإجتماعي و الفلسفي الذي بلغه هذا المجتمع أو ذاك ،نفس الشيء بالنسبة للآداب الأخري….. فإن المجتمعات العربية و بالنظر إلى مكوناتها التاريخية و الدينية، نجد أدبها يميل إلى الغوص في الواقع الاإجتماعي أكثر من. التطرق إلى أدب الترفيه،بينما نجد الأدب الأمريكي يتناول جانب حياتي يتمثل في الصراع بين موازين القوة و المال و العلم هذا راجع إلى أن سياسية الأمريكيين تأسست على القوة والمال،و هكذا… المسار العربى :الموجة التى ركبها شبابنا من خلال رواية الرعب ، استخدام شخوص ماوراء الطبيعة ويحضر الكاتب من يقرأ له للشعور بالفزع وكأن القارىء العربى له إيمان بالروحانيات دون التطرق لدراسة تركيبة مجتمع ما ..ماتعليقكم ؟ الناقد جايلى العياشى :المجمع العربي الحالى،ليس هو المجتمع العربي الذي نشأت فيه و تربينا على مقوماته و قيمه، فالمجتمع العربي الحالي منشطر إلى جيزيئات تدور كلها حول مدارات المجتمعات الأخرى، التي هربت علينا بعشرات السنوات الضوئية. في الواقع إن روايات الرعب في مجتمعاتنا العربية لم تنطلق من فراغ ، و لا من العدم، حيث كان لهذا الفن القصصي امتداد في تراثنا العربي القديم، فقصص الكائنات ما وراء الطبيعة حاضرة في الذاكرة العامة ،كلنا نعرف قصة الغولة و قصص الإنسان الذي تحول الى أسد و استطاع أن ينقذ بنت السلطان من كائنات ضخمة، و هناك قصص كثيرة كانت و لا تزال تحتل مكانة هامة في الذاكرة الشعبية، لكنها ليست بالحدة التي نراها و نلمسها في كتابات مجتمعات أخرى فقصصنا عادة ما تكون مغلفة بالدين و بالشرف و بالكرم ، بينما قصص المجتمعات الغربية تتميزا بالفقدان لمثل هذا التراث المهذب، حيث نجد كتاباتهم تطغى عليها الوحشية مثل: القتل و التقطيع و الحرق، أو تخيل كائنات لا يتصورها العقل . المسار العربى : كلمة نختم بها حوارنا الموجه لجموع قراء جريدة المسار العربى الناقد جايلى العياشى :للقراء في حياتنا نحن الكتاب مقام الشرف، و مرتبة السؤدد، نحن نكتب لهم و من أجلهم، و لولاهم ما كنا لنستطيع الكتابة، و ننتظر منهم فقط أن يقبلوا على قراءة نصوصنا بشغف، و أن يتحملو هفواتنا إن نسينا و أخفقنا في تلبية ميولهم و رغباتهم. تحية لك و لكل القراء، و لجريدة المسار العربى حاورته :تركية لوصيف