يمثل النشيد الوطني "من جبالنا" الذي يزخر بإيقاعات ثورية قوية أداها أفراد الكشافة الإسلامية الجزائرية يوم 8 ماي 1945 بسطيف بين ثناياه وإيقاعاته "تحديا شديد الجرأة لإيقاعات استعمارية ألهمت موسيقاه" حسبما اعتبره السيد لمين بشيشي. ويعكس هذا النشيد الذي ظهر في ليلة المولد النبوي الشريف حوالي سنة 1942-1943 "عبقرية استراتيجية وفنية" للثوار الجزائريين يضيف الوزير الأسبق للاتصال في مقابلة مع "وأج" مشيرا إلى أن جوق "فوج الحياة" للكشافة الإسلامية لسطيف بقيادة الشهيد حسن بلكيرد أدى في ذات الليلة هذا النشيد على ركح المسرح البلدي لمدينة سطيف. وكتب النص الأدبي لهذا النشيد سنة 1931 من طرف الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة الذي ألقاه خلال إحدى الحفلات كما أوضح السيد بشيشي مستدلا في ذلك بمذكرات والد الفنان الكبير عبد الحميد عبابسة المعروف في ذلك الوقت ب"شاعر القبائل". و رغم أن السيد لمين بشيشي سبق له أن أوضح في مؤلفه "أغاني وطنية من أجل الجزائر (طبعة الشركة الوطنية للنشر والتوزيع 1998) بأن الاقتباس يعود لمحمد الهادي الشريف المعروف باسم جنادي فأنه أقر بأن"خلافا" لا يزال قائما بشأن المقتبس الحقيقي لنص "من جبالنا" ويجب "ترك الموضوع للوقت وللمحللين قصد البت في هذه المسألة". و كان القائد الكشفي حسن بلكيرد قد غنى سنة 1942 بقسنطينة نشيد "من جبالنا طلع صوت الأحرار" في أعقاب تلاوة الراحل فرحات عباس للبيان الذي طالب فيه آنذاك بمنح الجزائر وضع جديد كما قال السيد بشيشي معتمدا في هذه الشهادة على ما قاله محمد الصالح رمضان وهو أيضا كاتب لأغاني وأناشيد كشفية. وبعد أن اعتبر الكشافة الإسلامية الجزائرية "خزانا للأغاني الوطنية" أشار الوزير الأسبق للاتصال إلى "الدور الاستراتيجي" لمدارس العلماء المسلمين الجزائريين وحزب الشعب الجزائري في "تطويرهذا النمط في النضال والمقاومة والذي كان يلهب المشاعر الوطنية للشعب الجزائري حينما كان يخضع لقمع شديد". وأكد السيد لمين بشيشي وهو صاحب عدة مؤلفات ضمت نصوصا لأغاني وطنية بأن تاريخ الجزائر يحتوي أيضا "الكثير من الأسرار والتفاصيل" التي يتعين على الباحثين اليوم وغدا أن يميطوا اللثام عنها".