صورة أثناء محاضرة المجاهد لمين بشيشي في إطار إحياء عيدي الاستقلال و الشباب المصادف للخامس جويلية من كل سنة، قدم صبيحة هذا السبت وزير الإعلام و مدير الإذاعة الوطنية الأسبق الأستاذ المجاهد لمين بشيشي كتابه ''تاريخ ملحمة نشيد قسما'' بقاعة المداولات بالمجلس الشعبي الولائي تحت رعاية إذاعة الجلفة الجهوية، و الذي يحمل إرهاصات ميلاد النشيد الوطني للثورة الجزائرية، و الظروف التي رافقت صاحبه الشاعر مفدي زكريا في كتابته وفي تلحينه... وقد تناول الأستاذ لمين بشيشي في محاضرته تاريخ النشيد الوطني مذكرا الحضور بالجذور الأولى لفكرة النشيد الوطني، مؤكداً أن السيد حسين بلميلي (من شلغوم العيد ) أشار على الشهيد عبان رمضان تأليف نشيد وطني جديد خاص بجبهة التحرير الوطني عوض الأناشيد التي تطبع الساحة الثورية... مستدلاً بأن حزب الشعب الجزائري له نشيد "فداء الجزائر"، فيما جمعية العلماء المسلمين لها نشيد "شعب الجزائر مسلم"، أما أحباب البيان و الحرية لهم نشيد "من جبالنا طلع صوت الأحرار" ، فطُلب من القيادي الأخضر رباح (من سور الغزلان) و المجاهد بن يوسف بن خدة (رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة) طرح الموضوع على الشعراء لانتقاء ما يناسب هذا المشروع الوطني... و كان من بين المقاييس المعتمدة أن يحتوي النشيد طلب الشباب الالتحاق بالثورة تحت لواء جبهة التحرير الوطني، وكذا توعد فرنسا الباغية ، و تحاشى ذكر أي شخص من القادة....مشيراً أن النسخة الأصلية من نشيد حزب الشعب الجزائري يحتوي تمجيداً لشخص أبو الثورة الجزائرية مصالي الحاج كالتالي: فداء الجزائر روحي و مالي ... *** ... ألا في سبيل الحرية فليحيى زعيم الشعب مصالي ... *** ... مثال الفدا و الوطنية و لتحيى الجزائر مثل الهلال ... *** ...و لتحيى فيها العربية و أكد المتحدث أن كتابة النشيد الوطني قد تم أواخر سنة 1955 داخل دكان الشاعر مفدي زكرياء بالقصبة (شارع الفدائي بوعلام رحال حالياً) ...نافيا أن يكون ذلك قد تم داخل السجن كما يروج له... واجهة الكتاب . وفي 3 جوان من عام 1956 تسلم محمد خيضر وأحمد توفيق المدني مهام البحث عن النموذج الموسيقي الذي يليق بمقام النشيد الوطني فتوجها إلى القاهرة أين شاءت الأقدار أن يكون الملحن العبقري المصري محمد فوزي من صوت العرب أول من وضع لمسات الإيقاع المناسب الذي نال إعجاب القيادة و يتوافق وأهداف النشيد الحماسي والتعبوي.. و كشف لمين بشيشي للحضور أن البيت الثاني في المقطع الثاني في النص الأصلي من النشيد الوطني : ''لم تكن تصغي فرنسا إذ نطقنا" قد تم حذف كلمة فرنسا في القاهرة وبُني الفعل للمجهول وأصبحت الصيغة كما هي عليه الآن ''لم يكن يُصغى لنا لما نطقنا''...وكذا تم تغيير مقطع "و حلفنا إن نمت تحيى الجزائر" بالمقطع الحالي "و عقدنا العزم أن تحيى الجزائر"... و ذكر بالمناسبة أن نشيد قسماً قد تم ترسيمه كنشيد وطني مؤقت حسب المادة 75 من دستور 1963 إلى غاية جانفي 1986 تاريخ تقديم مشروع من طرف الحكومة لحذف المقطع الثالث، و في مارس 1986 صادق المجلس الوطني على قانون يقر نهائيا النشيد الوطني بمقاطعه الخمس المعروفة حالياً... وقد تخللت المحاضرة التي كانت تقديماً لكتاب "تاريخ ملحمة نشيد قسماً" و المؤلف مناصفة بين لمين بشيشي و عبد الرحمن بن حميدة وزير التربية الأسبق... نماذج صوتية منها الصيغة اللحنية الأولى لنشيد قسماً، ألحان الفنان الجزائري محمد التوري، سجلت أول مرة في منزل مفدي زكريا بالقبة أواخر 1955. و صيغة لحنية ثانية بألحان الموسيقار التونسي محمد التريكي، و التي سجلت في مقر البعثة التعليمية الجزائرية شارع ابن خلدون بتونس في الثلاثي الأول سنة 1956 ...و كذا النسخة الأصلية التي سجلت على الهواء مباشرة من إذاعة صوت العرب عن حفل جماهيري أقيم في إحدى الساحات العامة بالقاهرة خريف 1956. من جهة أخرى أثنى وزير الإعلام الأسبق على عودة الحصة التربوية الحديقة الساحرة من الجلفة ، فيما لام المسؤولين على توقيف حصة ما بين الثانويات التي كانت تعرض في التلفزيون الجزائري... المجاهد لمين بشيشي رفقة المجاهد هتهات بوبكر و مديرة الإذاعة السيدة رشيدة قاسم . و انتهت المحاضرة بتوزيع مجموعة من نسخ الكتاب على السلطات المحلية و الولائية، و كذا تكريم المجاهد و الوزير الأسبق السيد لمين بشيشي ببرنوس المنطقة مقدم من طرف أحد رجال الأعمال...