تستحق المجاهدة جميلة بوباشة (77 سنة) التي خلدها بيكاسو و دافعت عنها كل من سيمون دي بوفوار و جيزال حليمي ضد الاستعمار الفرنسي ان "تكون مفخرة جميع الجزائريين" حسبما أكد خلفة معمري في كتيب خصصه لها. و يحمل هذا العمل عنوان "جميلة بوباشة بطلة حرب الجزائر الخالدة" (من اصدارات تالة) و يباع حاليا في المكتبات و هو عبارة عن بورتريه دونه معمري عن المجاهدة بعد لقائهما في 30 مارس 2013 بالجزائر العاصمة لفائدة "تلاميذ المدارس و اطفال الجزائر بشكل عام". ويعتبر هذا الكتيب عن حياة بوباشة الاصدار الاخير من المجموعة التي بداها الكاتب سنة 1998 حيث سبق ان اصدر بوتريهات عن كل من العقيد لطفي و العربي بن المهيدي و عبان رمضان و هواري بومدين و محمد بوضياف و فرحات عباس و ذلك - حسب قوله- لتحبيب الاطفال في المطالعة و تعريفهم بالوجوه الوطنية البارزة نساء كانوا او رجال. في هذا الصدد كتب معمري "ان تكون امراة رمزا للدفاع عن القيم الانسانية العالمية هي فتاة جزائرية في مرحلة المراهقة و ترهن حياتها من أجل تحرير بلادها فهي تستحق ان تكون مفخرة لجميع الجزائريين و الجزائريات إلى ابد الابدين". و يعود الكاتب في مؤلفه لطفولة جميلة التي ولدت بسانت اوجان (بولوغين بالجزائر العاصمة) في 9 فبراير 1938 كما يوضح كيف و لماذا تنخرط فتاة في ال15 من عمرها في السياسة من خلال الانضمام إلى اتحاد النساء التابع للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري و هو الحزب الذي انشأه فرحات عباس في ماي 1946. كما يتطرق لالتحاقها بالجبال سنة 1955 بمساعدة شقيقها و مسؤول في جبهة التحرير الوطني بالقصبة السفلى و كيف سخرت نفسها خدمة للثورة حيث عرفت بشجاعتها و اقدامها الفريدين. و يحكي الكاتب بعد ذلك معاناة عائلة بوباشة سيما بعد ان تم في 11 فبراير 1960 ببيت الاسرة بدالي ابراهيم توقيف جميلة (22 سنة) و والدها (71 سنة) و صهرها و انواع التنكيل و التعذيب الذي تعرضوا له لمدة 33 يوما. وبعدها يخصص المؤلف فصلا عن حملة الراي العام التي قامت بها محامية جميلة بوباشة جيزيل حليمي و الكاتبة و الفيلسوفة سيمون دي بوفوار حيث نجحتا في اخراج الفتاة التي كان مصيرها الموت من مخالب الجيش و "العدالة" الاستعمارية في الجزائر. و دشنت هذه الحملة سيمون دي بوفوار من خلال التوقيع بطلب من حليمي على مقال في صحيفة "لوموند" بتاريخ 3 جوان 1960 حول حالة بوباشة و كانت "الاستجابة فورية و عالمية حيث صدمت السلطات بما جاء في المقال سواء في الجزائر او باريس".
و أضاف معمري ان "قضية بوباشا قد عرفت تطورات كبيرة و خرجت عن إطارها حيث اصبحت معركة قضائية بين السلطة التنفيذية (الحكومة عبر وزير الجيش) و السلطة القضائية". و لم تجري المحاكمة و قام الرسام الكبير للقرن ال20 بيكاسو بتخليد المجاهدة حيث رسم لها لوحة في 8 ديسمبر 1961 فيما استعادت جميلة حريتها في 21 أبريل 1962 في إطار اتفاقيات ايفيان و عادت "حرة مرفوعة الراس في بلادها بعد ان قامت بواجبها البطولي الفريد على اكمل وجه".