يتعرض الفيلم التلفزيوني الخيالي ''من أجل جميلة''، إخراج كارولين هوبير، بمناسبة مرور 50 سنة على اتفاقيات ايفيان، أول فيلم فرنسي، إلى موضوع المحكوم عليهن بالإعدام، بالتطرق إلى المسار الثوري والنضالي للمجاهدة جميلة بوباشة، إحدى اللواتي أطلق عليهن اسم ''واضعات القنابل''، ويكشف تورط القضاء الفرنسي إلى حد بعيد في التعذيب الوحشي للجزائريات بصفة خاصة. يعد فيلم ''من أجل جميلة''، المنتج من قبل لورانس باشمان، بمساهمة ''فرانس ''3 و''آرتي'' والذي عرضته أول أمس، القناة الفرنسية (فرانس 3)، خطوة جريئة لكسر إحدى طابوهات السينما والإعلام الفرنسي، الذي أطلق اسم ''واضعات القنابل'' على جميلة ورفيقاتها، حيث يستعرض أهم مراحل القبض على المجاهدة ''جميلة بوباشة'' ذات 22 سنة، إحدى جميلات الجزائر، اللائي خضن المعركة ببسالة في 1957 إبان حرب التحرير، إلى جانب مجريات المحاكمة، التي قادتها المحامية الفرنسية جيزيل حليمي، كما يقدم لأول مرّة مشاهد تصويرية لعملية الاغتصاب، التي تعرضت لها جميلة والتعذيب الذي رافقها في اغلب مراحل التحقيق. تدور أحداث الفيلم المقتبس من كتاب ''جميلة بوباشة '' للمحامية جيزيل حليمي عن دار غاليمار، بداية الستينيات في الجزائرالمحتلة، بين شوارع القصبة والسجون، إلى المحكمة المدنية في فرنسا، ويقدم '' في ساعة و43 دقيقة مجريات القبض والتعذيب والمحاكمة، وأهم الخطوات التي قامت بها المحامية، لإبعاد شبح الإعدام بالمقصلة عن رقبة جميلة بوحيرد، بالإضافة إلى الحملة التي قادتها وسط المثقفين الفرنسيين من اجل ذلك. يظهر الفيلم صور مروّعة عن التعذيب الوحشي، الذي تعرضت له، ويكشف تورط القضاء الفرنسي إلى حد بعيد في التعذيب الوحشي للجزائريات بصفة خاصة، بشكل مستفز ومؤلم للمشاعر. مشاهد الصعق بالكهرباء ذات الضغط الحالي، الاغتصاب، الإيهام بالإغراق.. ألوان بشعة من التعذيب الجسدي والنفسي تعرضت له جميلة بوباشة، على أيدي ضباط الجنرال ماسو قائد الجيش الفرنسي في الجزائر بشكل مقزز، يعكس مدى لا إنسانية الاحتلال. ويّعد فيلم ''جميلة بوباشة'' بمثابة ''وشهد شاهد من أهلها'' عن جرائم التعذيب، التي لا يمكن أن تزول بالتقادم، غير أن الفيلم الذي تحدث عن مشاركة بوباشة وغيرها من جميلات الجزائر في التفجيرات التي شهدتها مقاهي وحانات يرتادها المعمرون الفرنسيون، تناسى عن عمد أو عن جهل أن هذه العمليات الفدائية قامت كرد فعل على التفجيرات الإرهابية المروعة التي قامت بها المنظمة الإرهابية الفرنسية ''اليد الحمراء''، عندما وضعت متفجرات في حي القصبة وتسببت في مقتل الكثير من المسلمين الجزائريين، من بينهم أطفال ونساء وعجزة، في حين يحاول الفيلم تبرير التعذيب وكأنه جاء ردة فعل على العمليات الفدائية التي قامت بها مجاهدات الجزائر في العاصمة.