صدر مؤخرا كتاب تحت عنوان "المخدرات، مؤشرات الاجتياح" يبرز الزيادة "المذهلة" و"البالغة الخطورة" للاستهلاك والاتجار غير الشرعي للمخدرات بالجزائر وتحولها من "دولة عبور" إلى "منطقة استهلاك واسع"، للقنب خاصة. و يتناول الكتاب بناء على تجارب و وقائع ميدانية عايشها مؤلفاه و هما إطاران بجهاز الأمن الوطني، فارح بلقاسم و غلاب طارق، في إطار مكافحتهما للمخدرات، استفحال الظاهرة منذ حجز عناصر الأمن سنة 1973 لما يقارب 3 أطنان من المخدرات. واستنادا إلى الإحصائيات الرسمية الواردة في الإصدار فإن كميات القنب المحجوزة بلغت أكثر من 211 طنا سنة 2013 وهو رقم "كبير جدا" مقارنة ببعض الدول المستهلكة للقنب كفرنسا. نفس الشيء بالنسبة للمؤثرات العقلية التي تضاعفت الكميات المضبوطة منها بحوالي 10 مرات في ظرف 10 سنوات، حيث تجاوزت بكثير المليون وحدة سنة 2013 و كذا سنة 2014 التي تم فيها حجز أكثر من 173 طن من القنب و أكثر من مليون قرص من المؤثرات العقلية خلال ال11 شهرا الأولى فقط. و توضح المحجوزات "اجتياح" القنب الهندي للجزائر خاصة عبر الحدود الغربية سواء الموجه للاستهلاك او العابر بغرض التهريب الدولي، إذ في سنة 2012 تم حجز 157 طنا من القنب أي ما يعادل 37ر 12 بالمئة من مجموع ما حجز في العالم. و تبين الإحصائيات التي تناولها الكتاب ان كمية القنب المحجوزة في "ازدياد مستمر" و أن الجزائر تشكل احدى المحاور التي تسلكها المخدرات و خصوصا القنب المغربي في اتجاه عدة دول منها تونس و ليبيا و بعض الدول الأوروبية المجاورة خاصة فرنسا. و اعتبر المؤلفان أن الأرقام "الضخمة" للمخدرات المحجوزة "تخفي عدة تحديات على المستويات الأمنية و الاقتصادية و الإستراتيجية". و بالنسبة للمؤثرات العقلية فهي تعرف انتشارا كبيرا من حيث الاستهلاك والترويج و هي في الأصل ادوية حولت عن مسارها العلاجي و تقدر المحجوزات في هذا الصنف من المخدرات بمئات الآلاف سنويا. و أشار الكتاب إلى وجود أقراص مقلدة تهرب عبر الحدود البرية خاصة في الجنوب و الحدود الشرقية كما أن الجهة الجنوبية للبلاد أصبحت الجهة المفضلة لعصابات تهريب المؤثرات العقلية القادمة من إفريقيا الغربية و الوسطى خصوصا نيجيريا. أما المخدرات الصلبة منها الكوكايين فقد لوحظ تطور كبير في حجم المحجوزات سنة 2012 و أصبحت كمعبر دولي و لكنها عموما "ضعيفة". وتناول الكتاب من جهة أخرى الطابع العالمي للظاهرة و ارتباط الاتجار غير الشرعي بالمخدرات بالإجرام المنظم العابر للقارات و كذا بتمويل الإرهاب و الاتجار غير المشروع بالأسلحة و تبييض الأموال. و سجل مؤلفا الكتاب أن نشاطات الاتجار بالمخدرات "أصبحت تشكل ثاني سوق اقتصادي من حيث المردودية بعد تجارة السلاح" كما عرضا بإسهاب خصائص هذا الاتجار و العصابات الناشطة في مجاله بمشاركة سماسرة و ناقلين و مخزنين و متواطئين بالإدارة و غيرهم. وفي الجزء الخاص بحجم انتشار الظاهرة سجل المؤلفان ان دراسة ذلك أمر "عسير" بالنظر الى طابع السرية الذي يصاحب نشاطاتها. و عموما تمت الإشارة إلى أن القنب هو أكثر أصناف المخدرات استهلاكا وبالنسبة لإفريقيا فهو ينتج أساسا في المغرب التي "تكونت بها علاقات بين مختلف العصابات الناشطة في مجال المتاجرة بالقنب لتوجيهه الى بلدان الاستهلاك المستهدفة عبر محور إفريقيا الشمالية منها الجزائر و المحور البحري بين المغرب و الدول الأوروبية ومحور الساحل الذي ينطلق من المغرب مرورا بالصحراء الغربية". و تطرق المؤلفان إلى مسألة محاربة الظاهرة مؤكدين أنها تتطلب وضع استراتيجيات مناسبة لهيكلة العصابات الإجرامية التي تختلف و تعمل بأحكام في كافة مراحل نشاطها كما تتطلب التنسيق الدولي.