في عهد النور العربي حين كان الغرب في ظلام جهلهم، كان الملوك والقياصرة في أوربا يرسلون أبنائهم ليتعلموا اللغة العربية وينهلوا بها مختلف العلوم ويتباهوا بهم بين العائلات المالكة والدول الأخرى، فكانت الأندلس محطة إشعاع تصلها قوافل الأمراء والملوك لتعلم الحرف العربي و مختلف العلوم التي رفعت أوربا اليوم إلى مصاف الدول الكبرى، ويأتي اليوم ناس من بنو جلدتنا يعتقدون أن تلقين مختلف العلوم باللغة العربية يعد تخلفا ورجوعا الى القرون الوسطى، والصراحة ليتنا نعود إلى قروننا الوسطى أين كانت لغة القرآن الكريم مفخرة العالم بأسره ويتباهى بها أبناء الملوك في الغرب كما يتباهى صعاليكنا اليوم باللغة الفرنسية، والفارق بين أبناء الملوك في الغرب وبعض مجهولي النسب عندنا أن الفئة الأولى كانت تتعلم مختلف العلوم باللغة العربية دون التخلي عن الهوية الغربية، بينما الفئة الثانية يأخذون اللغة الفرنسية كغنيمة حرب ومعها كل المسخ الأخلاقي والثقافي، ويريدون فرضه على الشعب الذي لم تستطع فرنسا فرضه مذ وطأت أقدام أول جندي فرنسي قذر هذه البلاد الغالية. لقد اختار الشعب التجهيل والتفقير والبؤس على أن ينسلخ عن لغته وعلى ثقافته، وكان يمكنه أن يصبح فرنسيا كما فعلت بعض الشعوب وينسلخ عن أصله ليتمتع ببعض استقلال العبيد، ولكن أجيال الجزائريين فضلت القهر والحرمان والموت على أن تبيع اللغة والأصل، ويأتي اليوم الذين لا أصل لهم ليعتبروا أن لغتنا لغة تخلف، وواقع الحال أن تراجع العربية لم يكن ليحدث لولا أمثال هؤلاء الحثالة الذين يعتقدون أن القيام بالثورة لتحرير البلاد مجرد خطأ وقع فيه آلاف من المجاهدين وملايين الشهداء منذ وطأت أقدام المستعمر القذر إلى يوم الناس هذا .