السيدة منصوري تستقبل المبعوث الخاص لمنطقة الساحل بوزارة الخارجية النرويجية    المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي يثمن قرارات اجتماع مجلس الوزراء المتعلقة بالقطاع    توقيع اتفاقية بين الصيدلية المركزية للمستشفيات وكلية الصيدلة بجامعة علوم الصحة    الجزائر-الاتحاد الأوروبي: مراجعة اتفاق الشراكة وفق مبدأ رابح-رابح ستعيد التوازن للعلاقات الاقتصادية بين الطرفين    صناعة صيدلانية: تدشين وحدة إنتاج الأدوية المضادة للسرطان بالجزائر العاصمة    وهران: الصالون الدولي ال6 للشكولاطة والقهوة من 29 يناير إلى 1 فبراير    الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين, دور ريادي في دعم الثورة التحريرية    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تستهدف كرسي الريادة    رياح قوية على عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الثلاثاء    تدشين المتحف الوطني العمومي لشرشال بعد ترميم العديد من محتوياته    البرلمان الإفريقي يدين ب" شدة" تدخل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية للجزائر    الانطلاق الرسمي من سطيف للمرحلة الثانية لعملية الإحصاء الاقتصادي للمنتوج الوطني    أمن العاصمة يوقف شبكة تزور وثائق تأشيرات السفر    كرة القدم: اختتام التربص ال3 من التكوين الخاص للحصول على شهادة "كاف أ"    المناطق الشمالية ستعرف سلسلة من الاضطرابات الجوية    وفاة شخصان في حادث غرق قارب صيد في مستغانم    الرئاسة الفلسطينية تعلن رفض أية مشاريع لتهجير سكان غزة    حركة "حماس" : الشعب الفلسطيني يرفض بشكل قطعي أي مخططات لتهجيره عن أرضه    حجز أسلحة نارية بسطيف    أساطير مُنتظرون في القرعة    اتّفاقية بين سوناطراك والجمارك    حمس تؤكد أهمية التماسك    شايب يلتقي جزائريي إيطاليا    حماس: ⁠الاحتلال يتلكأ في تنفيذ بنود الاتفاق بذريعة الأسيرة أربيل يهود    الديوان الوطني للحج والعمرة: اجتماع تنسيقي تحضيرا لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    التحوّل الإيجابي للجزائر يزعج "صانع القرار" الفرنسي    بن سبعيني يرد على منتقديه ويوجه رسالة قوية    زكري: لست مدربا دفاعيا وهدفنا هو البقاء    الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع    2000 منصب شغل جديد لمشروعي غارا جبيلات ومنجم الفوسفات    توفير مناخ ملائم للمتعاملين الاقتصاديين والمصدّرين    الكيان الصهيوني يمعن بانتهاك سيادة لبنان    ندوة فكرية حول ذكرى الإسراء والمعراج    "محطة فوكة 2" التحلية تدخل مرحلة التدفق التجريبي    معلم بمدخل كل بلدية    نحو اقتناء معدات طبية ب500 مليار    الجزائر في قلب المشهد الطاقوي العالمي    الكتابة عن تاريخنا أفضل رد على المشككين    ضغوط جزائرية تلغي حفلا للراحل الشاب حسني في المغرب    احذروا من محاولات زعزعة استقرار الوطن    إطلاع الشباب على فرص التكوين وشروط التجنيد    بن شيخة يعتذر عن تدريب أبناء "العقيبة"    اجتماع تنسيقي بالديوان الوطني للحجّ والعمرة    خنشلة: فريق عمل من المركز الوطني للبحث في علم الآثار لإجراء خبرة حول الموقع الأثري "العناقيد" بعين الطويلة    الديوان الوطني للحج والعمرة: عقد اجتماع تنسيقي تحضيرا لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    محمد كواسي, المجاهد ورائد الصورة الفوتوغرافية في الجزائر    الجزائر تشارك في صالون القاهرة    أحكام خاصة بالمسنين    أعاصير فاشية وأنواء عنصرية    أنشيلوتي يرد على أنباء انتقال فينيسيوس إلى السعودية    ناشئو الخضر يبلغون بطولة إفريقيا المدرسية    حجز 5 قناطير من الكوكايين خلال 2024    تكريم 500 حافظ وحافظة للقرآن الكريم    4 اتفاقيات تعزّز علاقات الجمارك مع الشركاء    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغتنا العربية.. لغة العلوم والتقنية .4
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 07 - 2013


بقلم: فداء ياسر الجندي
لماذا ما زال الكثيرون يعدون العربية عائقاً أمام تحصيلهم العلمي؟ ولماذا ما زال الكثيرون من الآباء يفضلون أن يعلموا أبناءهم في المدارس الأجنبية؟ ولماذا ما زالت معظم الجامعات العربية تدرس المواد العلمية باللغة الإنجليزية؟ ولماذا يضج اللغويون بالشكوى من الخوف على مستقبل اللغة العربية؟ ولماذا يشتكي بعض من يعمل في مجال العلوم من صعوبة الحصول على المصطلح العلمي باللغة العربية؟
بهذه الأسئلة ختمنا المقال الماضي، بعد أن استعرضنا فيه وفي مقالين سابقين عليه، خصائص لغتنا العظيمة، وماضيها الزاهر، وحاضرها الواعد.
الإجابة على ما سبق تنحصر في أمرين: الأول هو قصور الإرادة الحكومية الرسمية، والثاني هو عقدة النقص أمام كل أجنبي غربي، والتي يعاني منها كثيرون من أبناء قومنا، ومن آثارها توهمهم أن استخدام اللغة الأجنبية في مجال العلوم تقدم وحضارة، واستخدام العربية تأخر وتخلف.
إن من قصور الإرادة الحكومية، أن معظم الجامعات في العالم العربي تدرس المقررات العلمية بلغة أجنبية، وهذا لعمري أمر عجيب لا يكاد يوجد في غير بلادنا، أليس عجيباً أن لغة التدريس في الجامعات التركية والسويدية والإيرانية والفيتنامية والكامبودية والواقواقية (في بلاد الواق واق) هي لغات تلك البلاد القومية؟ وأنها في بلادنا هي لغات أجنبية؟
فهل اللغات التركية والفارسية والكمبودية وغيرها من لغات عباد الله أكثر مرونة واتساعاً، وأعرق تاريخاً وتجربةً، من لغة الضاد؟ وهل تلك الشعوب أكثر اعتزازاً بلغتها وهويتها من شعوبنا؟ ولماذا تقوم كل أمم الأرض بترجمة العلوم إلى لغاتها القومية وتدريسها بها، بينما في بلادنا العربية نريد من أبنائنا أن يتعلموا لغات أجنبية حتى يتمكنوا من تعلم العلوم؟ أليس هذا عكس لمنطق الأمور؟
دور الجامعات
لقد أدركت دول العالم كلها حقيقة بدهية معروفة، وهي أن أي إنسان يكون أوسع استيعاباً وأسهل تعلماً وأكثر إبداعا وأعمق فهماً إذا تعلم بلغته الأم، حتى إن روسيا لم تفرض اللغة الروسية على جمهوريات الاتحاد السوفياتي، قبل تفكك ذلك الاتحاد، وأبقت مناهج التعليم العلمي لكل جمهورية بلغتها القومية.
فلماذا لا نرى إذن الدول العربية تفرض بقرارات سيادية أن تكون العربية هي لغة التعليم العلمي في الجامعات؟ علماً أن الأرضية العلمية واللغوية لمثل هذا القرار متوفرة، وهي الجهود العظيمة في تعريب العلوم من معاجم متخصصة ووسائل إعلام ومراكز تعريب وغير ذلك من جهود قام وما زال يقوم بها الأفراد والمجامع والمؤسسات المتخصصة، بالإضافة إلى تجربة جاهزة ناجحة هي التجربة السورية، والتي من ثمراتها مناهج جامعية كاملة معربة في كل فروع التعليم الجامعي، يمكن الاستفادة من كنوز المصطلحات العلمية الهائلة التي أضافتها على مر قرن من الزمان.
إن قراراً عربياً حكومياً واحداً بفرض التعريب على تعليم العلوم في الجامعات، كفيل بأن يُحدث انقلابا هائلا في حاضر اللغة العربية، لتعود كما كانت دائماً لغة علم وتقنية، ولتصبح المصطلحات العلمية المعربة جزءا من الذخيرة اللغوية لأبناء الضاد، فليس عليهم أن يعانوا بعد ذلك في البحث عنها، ويكون من توابع هذا القرار، أن يكون استخدام المصطلحات التي أنتجتها المجامع والهيئات والمؤتمرات اللغوية إلزامياً، وإلا فإن الجهود العظيمة التي بذلتها (على بعض القصور فيها، وهذا ما لا ننكره)، ستكون ضعيفة التأثير، إذ ما فائدة كل هذه الجهود ما لم تكن مدعومة بسلطات تنفيذية تتبنى جعل المقررات والتوصيات واقعاً ملموساً؟
كما أن الحكومات وحدها هي من بيدها تطوير مناهج تدريس اللغة العربية في المدارس، لأن تلك المناهج قد أكل الدهر عليها وشرب، ولم تعد تصلح لتحبب الطلاب بلغتهم، وتجعلهم يتمسكون بها ويتعلقون بجمالها ويعتزون بإتقانها، بل جعلت درس العربية درساً ثقيلا على النفوس لأنها تُدرَّس وكأنها رياضيات ومنطق وقواعد، وليست فناً وإبداعاً ووسيلة تعبير، وهذا حديث ذو شجون ليس هنا مجال التفصيل فيه.
المسؤولية الفردية
ولكن، هل عدم تحرك الحكومات في هذا الاتجاه يعفي الأفراد من مسؤولياتهم؟ إنني بصفتي من أبناء الضاد لا أحتاج إلى قرار حكومي إذا ما أردت أن أربي أولادي على حب لغتهم والاهتمام بها وتذوق حلاوتها، وتنزيه اللسان عن خلطها بغيرها، وأن أزرع في نفوسهم أنها لغة أدب وعلم وثقافة وتقنية، ولن أعدم الوسائل لذلك، وأول شيء علي أن أقوم به هو أن لا أرسلهم إلى مدارس تعلم العلوم باللغة الأجنبية.
فإن قيل: ولكن الجامعات تعلم العلوم بلغات أجنبية؟ أقول: لقد نشر الكاتب فهمي هويدي دراسة قامت بها مراكز بحثية مصرية، اختارت عشوائيا 1500 طالب مصري، وتابعتهم من أول المرحلة الإعدادية، إلى نهاية المرحلة الجامعية، فوجدوا أن من درس العلوم في المدارس الحكومية التي تعلم بالعربية، كانوا هم أصحاب أعلى الدرجات في الجامعات، وكانوا هم من أكثر الخريجين نجاحا في حياتهم العملية، وتفوقوا بشكل واضح على الذين درسوا الإعدادية والثانوية في مدارس تعلم العلوم باللغة الإنجليزية أو الفرنسية.
وسبب ذلك -كما تقول الدراسة- أن من يكون متمكنا من لغته الأم ومن يدرس بها كل المواد، يصبح لديه ملكة لغوية أصيلة، تجعل من السهل عليه أن يتقن لغات أخرى، وأن يتابع الدراسة الجامعية بتلك اللغات، ويكفيه من اللغة الأجنبية أن يدرسها كمادة من مواد دراسته الإعدادية والثانوية، ثم أقصى ما يحتاجه بعد ذلك (إن احتاج) دورة تقوية قصيرة قبل دخول الجامعة.
أما من يتعلم العلوم بغير لغته الأم في المراحل قبل الجامعية، فيفقد تمكنه بلغته الأم، ويضيع قدرته على التعبير فيها، فتضعف ملكته اللغوية بشكل عام، ومن جهة أخرى لا يستوعب العلوم في هذه المرحلة بشكل جيد لأنها تقدم له بغير اللغة التي نشأ عليها قبل المدرسة، فيصل أغلب هؤلاء إلى الجامعة، بملكة لغوية ضعيفة، وزاد علمي مضطرب، وهذا سر تفوق أولئك (الدارسون بالعربية) على هؤلاء.
أخيرا أقول: لا يفهم أحد من كلامي أني ضد تعلم لغات أخرى، بل إني أحث على ذلك وأحض عليه، ولكن هناك فرقا كبيرا بين أن نتعلم (لغة) أجنبية، وأن نتعلم (بلغة) أجنبية.
أرأيتم كم هو عظيم حرف الباء عندما يدخل على الاسم فيغير معنى الجملة تماماً؟ لله در لغتنا ما أعظمها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.