سجل المنتخب الجزائري تراجعا مقلقا سنة 2016 بعدما تقهقر للمركز ال38 عالميا و الخامس قاريا، وهو الذي أنهى عام 2015 في المركز ال26 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والثاني على الصعيد الإفريقي. ويترجم ترتيب الفيفا بوضوح السنة الصعبة للمنتخب الجزائري خلال 2016، حيث تراجع بخطوات إلى الوراء، عوض مواصلة مشواره المظفر الذي شرع فيه خلال مونديال-2014 لما بلغ لأول مرة في تاريخه الدور ثمن النهائي للعرس العالمي. وعمل مسؤولو الرياضة الأكثر شعبية في الجزائر على توفير الاستقرار لتشكيلة الخضر و تدعيمها بعناصر جديدة تلقت تكوينها بالمدارس الأوروبية المعروفة على غرار ياسين بن زية (ليون سابقا و ليل حاليا/فرنسا) وإسماعيل بن ناصر (أرسنال/إنجلترا). والأحسن من ذلك، عرف بعض لاعبي الفريق الوطني تألقا لافتا على المستوى العالمي، حيث يعتبر رياض محرز الذي قاد ناديه ليستر الإنجليزي للتتويج بأول لقب تاريخي له في الدوري المحلي الممتاز، أفضل مثال على ذلك. وسمح هذا اللقب للجناح الجزائري بالحصول على عدة جوائز شخصية أهمها لقب أحسن لاعب للدوري الإنجليزي 2015-2016. من جهته، أصبح هداف المنتخب الجزائري إسلام سليماني من بين أغنى اللاعبين في العالم، بعد انتقاله في شهر اغسطس الماضي، من سبورتينغ لشبونة البرتغالي إلى ليستر سيتي مقابل مبلغ يفوق 30 مليون أورو.
مونديال-2018 يبتعد كل هذا ساهم في دعم مكانة الخضر الذين لم يجدوا أي صعوبة في التأهل للمرحلة النهائية لكأس إفريقيا للأمم-2017 بالغابون حيث فازوا بفوارق كبيرة هلى منافسيهم في مرحلة التصفيات، محتلين بذلك المركز الأول لمجموعتهم بفضل خمسة انتصارات و تعادل واحد في ست مباريات. كما كان خط هجوم الفريق الوطني الأحسن على الاطلاق في التصفيات ب25 هدفا. وتؤكد هذه الاحصائيات صفة "الآلة" التي لقب بها المنتخب الجزائري الذي دمر كل ما يجده في طريقه. لكن العالمين بخبايا الكرة المستديرة، نبهوا إلى أن منافسي الخضر في هذه التصفيات لم يكونوا من الوزن الثقيل و يتعلق الأمر بمنتخبات إثيوبيا و ليزوطو و السيشل التي لم تكن معيارا لتقييم الإمكانيات الحقيقية لرفاق قائد الفريق كارل مجاني. هذا الرأي تأكد مع انطلاق تصفيات مونديال-2018 : تعادل مع الكامرون (1-1) في البليدة و هزيمة في نيجيريا (1-3)، وهما نتيجتان رهنتا حظوظ الخضر الذين بدأ حلم مشاركة ثالثة على التوالي في العرس العالمي يبتعد عنهم كثيرا. فإذا كانت التشكيلة الوطنية تعاني كثيرا في تصفيات المونديال الروسي، فذلك يعود بالدرجة الأولى لعدم استقرار الطاقم الفني الوطني، حيث حطمت سنة 2016 كل الأرقام في هذا المجال، مما جعل الخضر يعملون تحت إشراف ثلاثة مدربين وطنيين.
ثلاثة مدربين وطنيين في عام واحد ! فكانت البداية مع رحيل الفرنسي كريستيان غوركوف بداية شهر أبريل الماضي، حيث ترك رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة الجميع معلقا حول هوية الناخب الجديد و انتظر نهاية شهر يونيو ليكشف أخيرا عن اسمه، و هو الصربي ميلوفان راييفاتش، المدرب الذي ترك بصماته على الكرة الغانية، حيث نجح في الوصول بمنتخبها الأول إلى نهائي كأس إفريقيا للأمم-2010 بأنغولا و الدور ربع النهائي لمونديال-2010 بجنوب إفريقيا. ولم يكن هذان الإنجازان الكبيران كافيين لمدافع المنتخب اليوغوسلافي السابق للبقاء مطولا في دار "الأفناك"، حيث سرعان ما رمى المنشفة لما اكتشف بأنه غير مرغوب فيه حتى من طرف لاعبيه. هذه المرة، لم يطل روراوة الانتظار بخصوص المدرب الوطني الجديد حيث وضع ثقته في "وجه قديم" وهو البلجيكي جورج ليكانس الذي سبق له أن عمل ستة أشهر فقط خلال تجربته الأولى على العارضة الفنية الجزائرية عام 2003. تحت إشراف الناخب "الجديد-القديم"، تلقت التشكيلة الوطنية هزيمة مذلة في آخر خرجة رسمية لها لعام 2016 بنيجيريا وهي الخسارة التي ترهن بنسبة كبيرة حظوظ الفريق في السباق نحو المونديال القادم. ويمكن محو هذه الخيبة لو ينجح أشبال المدرب ليكانس في التدارك خلال الموعد القاري المقبل الذي سيفتتحون به عام 2017... عام كل التحديات.