من المعلوم أن هناك صداقة وثيقة بين الشعبين الجزائري والكويتي، والعلاقات تبدو تقليدية خالية من المشاكل الثنائية وهي تعيش الآن في أحلى وأجمل وأرقى وأفضل حالاتها، ومنذ زمان كانت وجهات النظر متطابقة إلى حد كبير بين البلدين، وحتى أيام الثورة المباركة قدمت الكويت بحكم الإنتماء الطبيعي والتوجهات السياسية لشعبها مثل بقية الشعوب العربية دعما معنويا وماديا للجزائر. لكن يؤسفني ما حدث يوم الأحد 17 حيث قرأت أهم الجرائد الجزائرية، ورغم الحدث العربي الكبير إلا أن الصحف الجزائرية لم تعط للخبر قيمته الإعلامية الحقيقية والمتمثل في الإنتخابات الشريعية الكويتية، غير أحد الأصدقاء قال لي إن هناك بعض الجرائد أشارت إلى الموضوع لكن برؤوس أقلام فقط، لهذا أقول يجب علينا محو تقاليد اللامبالاة والتناسي التي عششت في نفوسنا، والاهتمام بكل ما قدم لنا من مساعدات سواء كان ذلك أثناء الثورة أو بعدها خاصة وأن العلاقات الجزائرية الكويتية تمر بمرحلة هامة على جميع الأصعدة. لقد أردت أن ألفت النظر إلى هذا الحدث حتى نحتمي من كل الوسائل التي من شأنها أن تقلل من اتجاهنا العروبي. نعود الآن إلى الإنتخابات التشريعية الكويتية فأقول بالنسبة إلى فوز بعض النساء في مقاعد مجلس الأمة فهذا طبيعي بحكم ما يميز المجتمع الكويتي بكون الأسرة فيه خلية متكاملة متماسكة قوية التأثير في حياة المجتمع كله من جهة، ومن جهة أخرى أن الشعب الكويتي مقتنع بمسار التجربة الديمقراطية التي تواصل تطورها من وقت لآخر. واعتقد أن الدستور الكويتي هو من أهم الدساتير العربية تطبيقا في الميدان وهو دستور في خدمة الشعب بالفعل وليس مجرد خطاب سياسي كما هو معمول به في أغلب الدول العربية، وقد التقيت مرة بأحد النواب الكويتيين وسألته عن سر سحب الثقة من البرلمان كل سنة تقريبا، فقال لي »طالما منحنا الشعب الثقة فنحن عند حسن ظن هذا الشعب« قلت له اذن مجلس الأمة الكويتي يشبه نظيره الإيطالي بحكم أنه يكثر من سحب الثقة منه، فقال صحيح أن ذلك موجود في إيطاليا وفي الكويت لكن الأمور تبقى تسير طبيعيا مما يثبت أن لكل من الكويت وإيطاليا دولة تسير بمؤسساتها أي أنها دولة قانون. أم سر سحب الثقة عن مجلس الأمة فيعود إلى المواد 101، 108 والمادة 114 التي تنص على أن »لمجلس الأمة الحق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاص المجلس أن يؤلف لجان تحقيق في قضايا ما ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم« ومن هنا نشأت الديمقراطية الكويتية. ولابد لنا أن نضع أمام اعيننا التجارب والنتائج التي انتهت اليها الكويت في هذا الميدان. وعودة إلى العلاقة الجزائرية- الكويتية لنقول إن عمق ومتانة العلاقات الجزائرية - الكويتية والصداقة القديمة بين الرئيس الجزائري والعائلة الحاكمة في الكويت هي مفتاح الإنطلاق بها نحو آفاق رحبة وصولا إلى تحقيق الشراكة المنشودة في المجالات كافة لاسيما السياسية والإقتصادية والثقافية لما فيه خدمة المصالح المشتركة للبلدين الصديقين، وبما أن الثقافة في الكويت هي الركيزة الأساسية في بناء الدولة الكويتية لاينكر عربي أهمية الدور الذي تضطلع به الكويت في الميدان الثقافي ويقول في هذا الصدد الدكتور محمد السيد سعيد »لقد أصبحت الثقافة جزءا أساسيا من منظومة العلم والتكنولوجيا فأين نحن العرب منها ...«؟ في الآخير أقول إننا نهتز فرحا عندما نسمع بانتصار الديمقراطية في الكويت ونتألم عندما تتدحرج، كما كان الشعب الكويتي يهتز فرحا عندما يسمع بانتصار الجزائريين في معركتهم على فرنسا ويتألم ويحزن عندما يسمع بقمع إخوانه الجزائريين. أتمنى لجميع أعضاء مجلس الأمة الكويتي الجديد التوفيق والنجاح ومواصلة العطاء لشعب الكويت الشقيق ومدة أطول لهذه العهدة لما فيها خدمة لديمقراطية الكويت.