ذكرت مصادر مصرية مطلعة أن رئيس الاستخبارات العسكرية الفرنسية بنواه بوجي قام أول أمس بزيارة تفقدية لمنطقة الحدود بين مصر وقطاع غزة المعروفة باسم محور صلاح الدين، حيث يتم تشييد جدار حدودي بهدف الحد من ظاهرة أنفاق التهريب. والتقى خلال الزيارة الضباط الفرنسيين الذين يشاركون الضباط الأمريكيين والمصريين للإشراف على إقامة الجدار الحديدي على طول محور صلاح الدين بهدف إغلاق أنفاق التهريب على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر. وأضافت المصادر أن الجنرال الفرنسي جاء ليطلع بنفسه على ما أسمته بأكبر عملية عسكرية تهدف إلى مكافحة الأنفاق شهدها العالم على مدى تاريخه. ووفقا لذات المصادر، فقد التقى رئيس الاستخبارات الفرنسية قبيل وصوله منطقة الحدود مع قادة القيادة الأمريكية التي أقيمت خصيصا لمتابعة عملية إغلاق الأنفاق المستقرة في مبنى السفارة الأمريكية بالقاهرة، إضافة إلى اجتماعه بالقيادة المتقدمة المستقرة بمدينة العريش المصرية قبل ان يصل إلى الحدود ليشاهد بأم عينه رافعات مصرية عملاقة وهي تغرس ألواحا فولاذية تبلغ سماكتها 50سم على عمق 18 مترا داخل الرمال، فيما يزرع الضباط الفرنسيون والأمريكيون المشاركون بالعملية أجهزة تحسس شديدة الفاعلية بين ألواح الفولاذ مهمتها التحذير من أية محاولة تحت أرضية لاختراق الجدار. ويرى الطاقم الأمريكي - الفرنسي أن عملية إغلاق الحدود بين غزة ومصر كمشروع تجريبي إذا كتب له النجاح، سيتم تطبيقه في جبهات حرب أخرى ضد المقاومة أوما يسمونه ب ''الجماعات الإرهابية'' في مناطق مختلفة بالعالم. تكلفة بناء الجدار أمريكية كاملة للتذكير، فقد أكدت كارين أبو زيد المفوض العام للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) قبل أيام من مغادرتها لمنصبها، صحة المعلومات التي سربت أخيرا بشأن بناء الحكومة المصرية للجدار الفولاذي على حدودها مع قطاع غزة، مضيفة أن المعلومات التي لديها تؤكد أن تكلفة بناء الجدار كاملة تكفلت بها الحكومة الأمريكية. وأضافت خلال ندوة أقيمت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة حضرها عدد من أساتذة الجامعة وطلابها، أن السياج يبنى من الفولاذ القوي وأنه صنع في الولاياتالمتحدة وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، واصفة إياه بأنه أكثر متانة من خط بارليف الذي بني على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل حرب أكتوبر .1973 وذكرت أن عملية تشييده تأتي تنفيذًا للاتفاق الأمني بين الحكومة الإسرائيلية مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قبل مغادرته البيت الأبيض بساعات. وأبدت المسؤولة أسفها لاشتراك الحكومة المصرية في مثل السيناريوهات التي وصفتها بأنها ''سيئة السمعة ولا تخدم إلا إسرائيل''، متوقعة أن يكون المردود السلبي طويل المدى على الأمن القومي المصري كبيرا في حال شن أي هجمات إسرائيلية على قطاع غزة والتي لم تستبعد أن تكون قريبا، حسب قولها. وفي ردها على سؤال حول مدى تأثير هذا الجدار على حياة سكان غزة، حذرت المفوض العام للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين من أنه سيزيد من واقع حياتهم صعوبة، خاصة أن أكثر من 60 في المائة من الاقتصاد الفلسطيني في غزة قائم على الأنفاق التي يتم استخدامها في تهريب السلع من مصر إلى القطاع. وكانت صحيفة ''هآرتس'' ذكرت في تقرير نشر مؤخرا، أن مصر عكفت على دراسة طرق وقف تلك الأنفاق الحدودية عبر مشاورات مع الولاياتالمتحدة وتسيير دوريات مصغرة مشتركة بين القوتين، مستخدمين أجهزة استشعار لتحديد أحجام وأعداد تلك الأنفاق الحدودية. وأشارت إلى أن عملية تشييد الجدار الحديدي بدأت بالفعل باستخدام ألواح عملاقة من الفولاذ الصلب واستمرار أعمال الحفر الرأسية في عمق الأرض، في ما إعتبره المراقبون ''مشاركة من مصر في العدوان على أهل غزة ''، محذرين من أن هذا الوضع الغريب يضر بمصر وبسمعتها وكرامتها ضررا بالغا وليس له ما يبرره، ومتسائلين إلى أي مدى أصبحت فيه الحكومة المصرية مكبلة وعاجزة عن المناورة وإتخاذ قرار سيد ولعب دورها الريادي في العالم العربي أمام الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية.