ألزمت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف جميع الأئمة الخطباء على المستوى الوطني بتخصيص خطبة الجمعة لنهار أمس، للحديث حول البُعد الوطني في حياة الفرد المسلم بإظهار أهمية حب الوطن واحترام رموز سيادته، كما أمرت الوزارة الوصية جميع المديرين الولائيين والمفتشين بإعداد قائمة بالأئمة الذين لم يمتثلوا للتعليمة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم فضلا عن مطالبة الوزير غلام الله بمراجعة جذرية لدور المفتشين في المساجد وتأطير الإمام عقب حادثة رفض أئمة القيام للنشيد الوطني. * أكد أمس، عدة فلاحي المكلف بالإعلام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن الوزير بوعبد الله غلام الله أمر بتخصيص خطبة جمعة نهار أمس للحديث عن الولاء للوطن ورموز سيادته وضرورة احترامها وتقديرها في تعليمة وجهها لجميع المديرين الولائيين عقب رفض أئمة القيام أثناء عزف النشيد الوطني بدار الإمام بالجزائر العاصمة أثناء مراسيم افتتاح أشغال الندوة الختامية لأئمة العاصمة فضلا عن تزامن خطبة الجمعة لنهار أمس مع الاحتفالات الوطنية بالذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب. * وقال عدة فلاحي في تصريح خص به "الشروق اليومي" أن حادثة رفض أئمة القيام أثناء عزف النشيد الوطني تتعدى الإطار التنظيمي والإداري إلى الخلفيات الفكرية والمنظومة التوجيهية المؤطرة للأئمة والمساجد كمؤسسة، حيث أمر الوزير غلام الله بمعالجة القضية من جذورها وعدم الاكتفاء باتخاذ إجراءات إدارية ردعية، مشيرا إلى أن الوزارة ستباشر حملة لتعزيز البعد الوطني عند الأئمة والمصلين في المساجد وتنطلق بإلزام جميع أئمة الوطن بتخصيص خطبة الجمعة لنهار أمس للحديث عن الولاء للوطن ورموز السيادة الوطنية وصولا إلى تعزيز دور المفتشين في المساجد من خلال منحهم صلاحيات أوسع لمراقبة الأئمة وحتى مديري الشؤون الدينية على المستوى المحلي. * وأشار المكلف بالإعلام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن إجراءات عقابية صارمة ستطال الأئمة المتضامنين مع الأئمة المعاقبين بسبب عدم وقوفهم للنشيد الوطني، حيث كلفت الوصاية عددا من المفتشين بإعداد قوائم بالأئمة الرافضين الالتزام بالتعليمة الوزارية القاضية بتخصيص خطبة الجمعة لنهار أمس للحديث عن موضوع الولاء للوطن قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقهم، مشددا على أن الوزارة لن تتساهل مع مثل هذه القضايا قائلا "عدم تخصيص خطبة الجمعة لنهار أمس للحديث عن الوطن وهي تتزامن مع عيد الاستقلال يعني رفض الامتثال للتعليمة وهو تحد سافر للوزارة ورموز الدولة يقتضي عدم التراخي". * واستشهد المتحدث بوقوف الشيخ عائض القرني أثناء عزف النشيد الوطني بدار الإمام بالمحمدية خلال زيارته الأخيرة للجزائر العاصمة احتراما للنشيد الوطني كرمز وطني سيادي، موضحا أن حادثة رفض أئمة الوقوف احتراما للنشيد الوطني أثناء عزفه بدار الإمام بحر الأسبوع المنقضي أثارت العديد من القضايا الفكرية التي يجب مراجعتها، حيث ستعيد الوزارة دراسة دور المفتشين وتعزيز صلاحياتهم، وكذا مراقبة المديرين الولائيين المتراخين ومتابعتهم. * * تجاوب متفاوت لأوامر تخصيص خطبة الجمعة لموضوع الوطن واحترام رموزه * خطباء المساجد يتجاهلون تعليمة الوزير غلام الله * شهدت أمس، مساجد الوطن تجاوبا متفاوتا لأوامر وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بتخصيص خطبة الجمعة لموضوع الولاء للوطن والبعد الوطني في حياة الفرد المسلم بإظهار أهمية حب الوطن واحترام رموز سيادته، ففي حين اكتفى بعض الأئمة الخطباء بالحديث عن نعمة الحرية والاستقلال فضّل البعض الآخر تحاشي الموقف المحرج بالحديث عن مواضيع دينية توجيهية عامة قصد تفادي الدخول في منزلقات قضية الأئمة المعاقبين بسبب عدم وقوفهم أثناء عزف النشيد الوطني والتي لاتزال محل متابعة من الجهات الوصية. * وتباينت مواضيع خطب مساجد ولايات شرق البلاد، إلا أنها لم تخرج عن المألوف، كما أنها لم تخرج عن الحدث الذي تعيشه الجزائر منتصف هذا الأسبوع، وهو الاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين للاستقلال، حيث تطرقت مساجد مدينة سطيف إلى ما منحته الحرية للشعب الجزائري وما قدمه الجزائريون من تضحيات مازالت مضربا للمثل رغم مرور قرابة النصف قرن من الاستقلال، وبينما خاض إمام جامع عبد الحميد بن باديس ببرج بوعريريج في التسامح واعتبره الصفة التي يجب أن يتحلى بها عامة المسلمين، تنوعت خطب الجمعة في مساجد قسنطينة، وسارت معظم المساجد بعيدا عما انتظره الكثير من المصلين في فتح القضية التي اندلعت مؤخرا حول رفض بعض الأئمة الوقوف للنشيد الوطني، وقال إمام خطيب في إحدى ولايات شرق البلاد "لم تصلني تعليمة الوزارة، وقضية النشيد الوطني مازالت في مرحلة التحقيق، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومن غير المعقول أن نخوض في قضية نقرأ تفاصيلها عبر الصحف وتتناقض فيها الأقاويل". * وفضّل الأئمّة الخطباء عبر مختلف مساجد ولايات الغرب، تحاشي الخوض في الحديث عن مواضيع لها صلة بقضيّة الأئمة المتخلّفين عن النهوض للنشيد الوطني بدار الإمام الأسبوع الماضي تضامنا مع زملائهم الأئمة المعاقبين، واسترسل الأئمة بمساجد الغرب في جميع المواضيع ذات الطابع الديني وتقديم النصح والإرشاد للمصلّين كالمعتاد، دون حتّى التلميح إلى القضيّة أو حتى انتقاء موضوع احترام الرموز الوطنية كالعلم والنشيد للدرس الذي يسبق الخطبة، وكانت المواضيع المتناولة في خطبة الجمعة بمسجد حيّ المنظر الجميل بتيارت ومساجد أبو بكر الصديق وابن تيمية والأزهر ومعاذ بن جبل بسيدي بلعباس ومساجد البدر والحرية وبلال بمستغانم ومساجد زين العابدين والسيدة عائشة بوهران، تتراوح ما بين الحثّ على التقوى واجتناب الفتن وطاعة الوالدين والصدقة والإحسان، وبصفة غير رسمية التمس الأئمة بمختلف ولايات الغرب وكذا المصلّون أن تأخذ القضيّة المذكورة أبعادا مهنية بحتة بعيدا عن الخلفيات الإيديولوجية والسياسية خصوصا وأنّ الأئمة اعترفوا بخطئهم.