تمرّ هذه الأيام الذكرى الثالثة والعشرين على رحيل الرسام الفلسطيني ناجي العلي واليي اغتيل يوم ''92 اوت 7891'' وهو الذي قال ''أن نكون أو لانكون، التحدي قائم والمسؤولية تاريخية''...''الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة''...''اللي بدّو يكتب لفلسطين واللي بدّو يرسم لفلسطين، بدّو يعرف حالو: ميت''... ناجي العلي هو رسام فلسطيني، ولد في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة سنة 7391 .. كان شاهدا على انبعاث ''الكيان الصهيوني'' عام 8491 بعد الحرب العربية الأولى. هاجر مع أهله في تلك السنة إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة، ثم هجر من هناك وهو في العاشرة، ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها. تعلم الصبر والجَلَد من برودة جدران الزنزانة وقسوتها فخطّ عليها بعض الرسومات التي كشفت عن شخصية رافضة لكلّ أنواع القهر والاستبداد. جذر ناجي العلي ''حنظلة''، هذا الصبي الذي يبرز وهو يدير ظهره للكلّ دون إعارة أيّ اهتمام فأضحى رمزا من رموز الكشف عن الفساد والطغيان، ولد حنظلة في 7691، ويقول ناجي العلي بأن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته. لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وخاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه فهو دائر ظهره للعدو. وعن ابنه ووريثه الشرعي حنظلة يقول ناجي: ''ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. واما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 3791 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبعا.'' وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته. كان الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني قد شاهد ثلاثة أعمال من رسوم ناجي في زيارة له في مخيم عين الحلوة فنشر له أولى لوحاته وكانت عبارة عن خيمة تعلو قمتها يد تلوّح، ونشرت في مجلة ''الحرية'' العدد 88 في 52 سبتمبر 1691. في سنة 3691 سافر إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا فعمل في الطليعة الكويتية، السياسة الكويتية، السفير اللبنانية، القبس الكويتية، والقبس الدولية. أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن عام 7891 فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 92 اوت 7891، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.