تعيش العائلات الجزائرية هذه الأيام على وقع ثلاث مناسبات تستنزف منها أموالا كبيرة لا يُمكن لأجر واحد أو أجرين أن يسدها، وتتمثل هذه المناسبات التي تأتي عشية الدخول الاجتماعي لهذا العام في شهر رمضان المُعظم، عيد الفطر المُبارك والدخول المدرسي المرتقب يوم 31 سبتمبر الداخل. ومن هذا المنطلق، يُرتقب أن يكون الدخول الاجتماعي هذه السنة أكثر صعوبة من سابقه، وذلك لأمرين الأول يتمثل في الأسعار المرتفعة لمختلف السلع سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية والخُضر والفواكه واللحوم بالنسبة لشهر رمضان المُعظم أو أسعار الألبسة بالنسبة لعيد الفطر أو أسعار الأدوات المدرسية وما يُقابلها بالنسبة للدخول المدرسي، أما الأمر الثاني فيتمثل في محدودية الأجر الذي يتقاضاه العامل الجزائري والذي لا يزال دون المستوى المتوسط المطلوب، خاصة إذا علمنا أن الدراسة الأخيرة حول القدرة الشرائية التي قامت بها قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين تشير إلى أن العائلة التي تضم 5 أفراد تتطلب أجرا شهريا يُعادل 53 ألف دج لتلبية احتياجاتها الضرورية، وهذا دون حساب الطوارئ الأخرى كالأمراض التي قد تُصيب أفرادها أو الاحتياجات الناجمة عن مختلف المناسبات. إضافة إلى ما سبق تصطدم العائلات دائما بسياسة التجار ''الخبيثة'' في مثل هذه المناسبات والمتمثلة في اللجوء إلى استغلال هذه الفرص ورفع الأسعار وحتى التخلص من المنتوجات غير المُطابقة للمقاييس القانونية، وإذا سلمنا بأنه من الطبيعي جدا أن يكون اجتماع ثلاث مناسبات في ظرف واحد صعبا على أي عائلة من الناحية المادية، يجب أن نؤكد من جهة أخرى بأن الممارسات التي يلجأ إليها مثل هؤلاء التجار تزيد من معاناة هذه العائلات التي تلجأ بدورها وفي العديد من المرات إلى الاستغناء حتى على بعض الضروريات من أجل تجاوز المراحل الصعبة التي تُصادفها خلال السنة. وتُؤكد الأرقام الرسمية بأن عددا كبيرا من الجزائريين يُعانون من مثل هذه الظروف، خاصة إذا علمنا بأن مليونا و004 ألف عائلة معوزة تشملها إعانات الدولة خلال شهر رمضان المعظم، ما يعني أن هذا العدد سيرتفع إلى 7 ملايين جزائري معوز إذا ما اعتمدنا على كون متوسط عدد أفراد العائلة الجزائرية الواحدة هو 5 أفراد، وهو ما يفتح المجال واسعا لطرح مختلف الأسئلة عن الكيفيات التي ستتعامل بها هذه العائلات مع عيد الفطر والدخول المدرسي وهي في حاجة ماسة إلى 3 آلاف دج كي تسد متطلبات شهر رمضان. وتعترف الإطارات النقابية التي تحدثت إلينا والنشطة تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بالصعوبات التي تجدها العائلات الفقيرة وحتى المتوسطة في مواجهة هذه المناسبات، باعتبار أن مستوى الأجور يبقى دون المطالب المرفوعة ودون المستوى المعيشي المرغوب، وبرأيها فإنه رغم الإعانات والمساعدات التي تُقدمها الدولة للعائلات الفقيرة خلال بعض المواسم، إلا أن ذلك لا يُمثل شيئا مقارنة بحقيقة الواقع المعيش الذي أصبح يزداد صعوبة من سنة لأخرى بالرغم من الموارد المالية الهامة التي دخلت الخزينة العمومية، مع العلم أن نسبة من الزيادات في الأجور التي أقرتها الحكومة لم تصل بعد جيوب العمال، كالزيادات الناتجة عن أنظمة المنح والعلاوات، وهو حال قطاعات الجمارك، المالية، الأسلاك المُشتركة وغيرها.