وقعت الشرطة البريطانية في حرج شديد بعدما فشلت في العثور على أية أدلة أو قرائن تدين الجزائريين الستة بمحاولة اغتيال بابا الفاتيكان الذي أنهى أمس زيارة رسمية للمملكة المتحدة دامت أربعة أيام. واضطرت سكوتلانديارد صباح أمس إلى إطلاق سراح الجزائريين الستة دون أن توجه إليهم أية تهم، وذلك بعد يومين من التحقيقات وعمليات التفتيش التي طالت مساكن المعتقلين ومقرات عملهم شمال ووسط لندن. وفيما اعترف متحدث باسم شرطة لندن بأنه لم يُعثر على أية مواد خطرة أو أسلحة أو أدنى مخطط لتنفيذ العملية المزعومة، كشفت صحيفة الصنداي ميرور في عدد أمس أن الشرطة تحركت بناء على بلاغ خاطئ من قبل أحد الاشخاص الذي سمعهم يتحدثون عن قتل البابا يوما واحدا قبل بداية زيارته للندن. وقالت الصحيفة إن الرجال الستة كانوا مجتمعين حول طاولة الغداء في مطعم العمل ظهر الخميس حيث تحدث احدهم متسائلا إن كانت سيارة البابا مدرعة وقادرة على حمايته من الرصاص، ثم رد أحدهم مازحا أن قذيفة ''أر بي جي'' ستكون كافية لقلب سيارته رأسا على عقب. وتشير ذات الصحيفة إلى أن المحادثة توقفت عند ذلك الحد قبل أن يفترق الجميع بشكل عادي. غير أن أحد الموظفين استمع جيدا إلى تلك العبارات ونقلها حرفيا إلى شرطة لندن في مكالمة هاتفية عاجلة، ومنها إلى وحدة مكافحة الإرهاب التي داهمت مقر شركة فيوليا للنظافة بشارع ماريلبورن وسط لندن في السادسة إلا ربع صباح يوم الجمعة، حيث اعتقل خمسة منهم في عين المكان وأوقف السادس في منزله شمال العاصمة. ولم تكشف الأجهزة الأمنية عن هوية المعتقلين سوى أنهم جزائريون أعمارهم بين 62 و05 سنة، وذلك لأن القوانين البريطانية لا تجيز نشر أسماء وصور الموقوفين إلى غاية توجيه التهم إليهم بشكل رسمي ومع صدور قرار عرضهم على القضاء. ولتفادي أية حملات نقد لاذعة، حاولت شرطة لندن إعطاء بعد جديد للقضية من خلال التأكيد على أن الجزائريين الستة كانت بحوزتهم رخص لتنظيف الشوارع التي كان يفترض أن يمر عبرها موكب البابا، مضيفة أن حماية بابا الفاتيكان كانت تتطلب التعامل مع أية معلومات أمنية بجد وبسرعة. وفي ذات السياق، ذكرت وسائل الإعلام البريطانية أن تكاليف حماية الموكب البابوي خلال أربعة أيام فقط كلفت دافعي الضرائب أزيد من 5,1 مليون جنيه؛ أي ما يعادل 12 مليار سنتيم بالعملة الوطنية، وهو ما دفع بعدة محللين إلى التأكيد على أن توقيف الجزائريين الستة كان مجرد ''مسرحية'' مبرمجة لتبرير الفاتورة الأمنية الضخمة أمام الرأي العام المحلي، خصوصا في ظل سياسة التقشف التي فرضتها حكومة ديفيد كامرون، بينما رأى آخرون أن الكشف عن مخطط وهمي لاغتيال البابا كان يُرجى منه صرف أنظار الشارع البريطاني عن قضايا الفساد الأخلاقي وملفات الاعتداءات الجنسية لأساقفة كاثوليك على الأطفال في عدة دول أوروبية والتي لاحقت بنديكت السادس عشر خلال زيارته لبريطانيا. ومع كل ذلك، جاب أول أمس أكثر من 21 ألف متظاهر شوارع لندن تنديدا بزيارة البابا حاملين لافتات تطالب بكشف أسماء القساوسة المعتدين وتقديمهم إلى العدالة، كما حملت منظمات تدافع عن حقوق المثليين لافتات تطالب الفاتيكان بالتخلي عما وصفته بعقلية العصور الوسطى والاعتراف بحقوق المثليين ومراجعة سياسة تحريم منع الحمل.