نفضت قرية ثكانة ببلدية ايت يحيى بتيزي وزو الغبار عن شهيدها صديق الحبوس الذي هُمش لأكثر من نصف قرن، وكادت السنوات الطويلة ان تمحيه من الذاكرة، وخوفا على ضياع هذا الاسم، فقد أحيت قريته ثكانة التابعة لبلدية ايت يحيى الواقعة على بعد 05 كلم من ولاية تيزي وزو أول أمس الذكرى الثاني والخمسين لاستشهاد ابنهم بن شعلال صادق الذي أنجبته القرية في 2091 الذي استشهد بقرية اث حق التابعة لبلدية الأربعاء ناث ايراثن في 31 جوان 8591 بعد سنوات طويلة من الجهاد وحل المشاكل بين المواطنين بعد توليه دور الشيخ الحبوس. وقد بادرت عائلته وبمساندة سكان القرية والبلدية لإحياء الذكرى لأول مرة احياء لذكرى هذا الشهيد الذي أمضى حياته فداء للوطن ولم يمنح له حق القبر. وقد فتحت القرية أبوابها لمن عايش الشهيد للإدلاء بشهادات حية حول أعماله. والتي حضيت ''المستقبل'' بحضورها، وقد استهلت الشهادات بكلمة للمجاهد سعيد ابن العقيد سي محند لحاج الذي عاد بالحضور لجهاد سكان منطقة القبائل وعلى دور المرأة إبان حرب التحرير ومساهمتها في حماية المجاهدين وإعلامهم بتحركات المستعمر فكانت المرأة -يضيف المتحدث- بمثابة مركز استعلامات للمجاهدين، وذكر بشخصية صادق الحبوس الذي تمكن وبفضل حكمته من تولي منصب شيخ الحبوس، وبكل جدارة وبدون منافس على فك الخلافات بين العائلات وتولى مهام الحبوس بين عدة عروش منها الأربعاء ناث ايراثن، تيزي راشد، مقلع، عين الحمام، وقد تم اختياره من قبل الشيخ الحسين لتولي المنصب بعد أن تأكد من قدراته وخبرته الكبيرة في الشؤون الدينية ومباشرة بعد أن قررت جبهة التحرير الوطني إنشاء الحبوس كان الشيخ صادق من بين الأوائل، اذ قام رفقة المجاهدين بإعلام العروش بمنطقة القبائل أن الجبهة تمنع السكان من التقرب من المحاكم الفرنسية، وأنه عليهم اللجوء إلى شيوخ الحبوس لفك أي خلافات سواء بين الرجل وزرجته او بين اخ وآخر وبين قرية وأخرى سواء كان المشكل صغيرا أو ضخما، وقد تمكن صادق الحبوس الذي يعرفه البعض باسم سي لعمر مشلي الحبوس، وحسب شهادة الحضور يجيد إلى ابعد الحدود حل المشاكل ويخرج الطرفين راضيين بالقرار والحكمة، واشتهر بعبارة من يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه. وقد ابهر الصادق الحبوس وحسب تصريح المجاهد اث علي سليمان من مقلع الذي التقت به ''المستقبل'' خلال عملية التكريم بقرية ثكانة في إيجاد حلول تخدم الطرفين مراعاة للشريعة والسنة. وقد كان يقتدى به وبفضل فقهه في الدين الإسلامي وكانت قراراته لا تناقش وتقنع الجميع. وكان الحبوس ينظم خرجات منتظمة سريا إلى القرى ويلتقي بممثلي القرية والذين يجمعون الأطراف المخالفة ليعرضوا عليه المشاكل ويفصل بينهم، فكان قاضيا عادلا، وحتى اقواله أصبحت تحفظ على ظهر القبل. وبفضل هذا العطاء فقد كان الشهيد يحارب المستعمر بحكمته وامتنع سكان منطقة القبائل من التقرب من المحاكم الفرنسية لحل المشاكل وذاعت شهرته بسرعة تجاوزت توقعات حتى من عينه بالمنصب وكان يحارب المستعمر بالحكمة والسلاح. وإضافة لهذا المهام فكان يتكفل بجمع التبرعات لجبهة التحرير الوطني التي تستخدم لاستقبال المجاهديين، وفي ليلة ال 21 الى 31 جوان بينما كان متنقلا إلى مهامه حاصرته القوات الاستعمارية بقرية اث حق التابعة حاليا إلى بلدية ايرجن بدائرة الأربعاء ناث ايراثن. وكان رفقة 72 مجاهدا وشهدت اللية كاملة تبادل الرصاص حيث تمكن 9 مجاهدين من الهرب فيما القي القبض على 70 واستشهد 11 اخريون من بينهم الشهيد الصادق الحبوس الذي دفن بمكان استشهاده وحرم من قبر في وطن أحبه وعاش فداء له. عائلته تجمع عظامه من الحقول وتدشن مقام على شرفه بعد أكثر من نصف قرن من استشهاده بساحة الشرف قرر أحفاده وعائلته الحفاظ على ذاكرة من اعطو الكثير للوطن وإعلام الأجيال القادمة بهذه الشخصية التي أعطت الكثير وحيرت المعمر بحكمتها الى درجة انه اقنع المواطنين في ظرف قياسي بالتقرب منه للفصل في مشاكلهم وتخلوا من دون نقاش عن المحاكم الفرنسية. وستقوم القرية وحسب حسين بن شعلال ابن أخيه ل ''المسقبل'' وفي الخامس جويلية المقبل بالتوجه إلى مكان استشهاده بقرية اث حق أين سيتم الحفر للعثور على عظامه ونقلها إلى قريته اين سيتم تدشين مقام على شرفه وشرف 41 شهيدا بالقرية، كما تم أول أمس إطلاق اسمه على اكمالية اث هشام بعين الحمام لتتمكن القرية من إعادة تاريخ احد أبطالها كادت السنوات أن تمضيه من ذاكرة الأجيال. كما تترقب القرية تكثيف المبادرة لإعلام الأجيال القادمة بهذه الشخصية التي تحدت المستعمر. وقد أكدت لالة عيني أرملة الفقيد ل ''المستقبل'' أنها لم تحظ بعيش فترة طويلة معه، اذ كان يكرس وقته كله للوطن وكان يحلم ان يتجول بالحقول تحت علم الجزائر المستقلة، لكن لم يشأ القدر ذلك وحسبه أنه أنجز ما كان يسمو إليه وهو الموت فداء للوطن ليعيش أبناؤنا في وطن مستقل. سي صديق الحبوس في سطور ولد بن شعلال صديق المعروف باسم سي صديق الحبوس في 2091 بقرية ثكانة التابعة لبلدية ايت يحيى بعين الحمام. كان يتيم الأب وقامت والدته بإدخاله لزاوية سيدي عبد الرحمن بايلولة اومالوا وذلك خلال الفترة الممتدة بين 0102 و5102 لينتقل فيما بعد الى زاوية سيدي منصور التابعة لعرش اث جناد أين وسع ثقافته حول الإسلام من 5191 الى .0291 ليقرر بعد ذلك ليتشبع بالعلم الرحيل إلى فرنسا للعمل ومساعدة عائلته فرحل والتحق بمصنع رونو أين عمل لسنوات طويلة ليحن إلى موطنه ويعود ويلتحق بالمعهد الإسلامي التابع للعلامة عبد الحميد بن باديس. وقد تميز بالحكمة وكان من بين الأعضاء البارزين لجمعية العلماء المسلمين ويقوم بصفة منتظمة بالإمضاء على المنشورات الرسمية ويلقي الخطب بالعديد من المناطق. وفي الأربعينيات استدعته فرنسا للالتحاق بجيوشها ما أثار غضبه ورفض بشدة فنفي إلى تونس اين التحق بجامع الزيتونة وجامع الأزهر بمصر حيث وسع قدراته وتمكن من التفقه في الدين. عاد إلى أرض الوطن مجددا والتحق بحزب شمال إفريقيا ثم حزب الشعب. وكان مصالي يضع ثقته فيه وعوضه لإلقاء الخطبة المشهورة بمنطقة القبائل التي جمعت عروش اث يحيى، اثيجر، ايلولة اومالو. ليلتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني في ،5591 ونظرا لفقهه في الدين وحكمته فقد تم توكيل له مهام شيخ الحبوس المكلف بالقسم الإداري والمالي برتبة ملازم. وكان يؤدي مهامه كشيخ حبوس ويتكفل بحل مشاكل المواطنين والعروش ويؤدي من جهته مهامه كمجاهد لغاية ال 31 جوان 8591 حيث كان بقرية اث حق التابعة لبلدية ايرجن بالأربعاء ناث ايراثن في مهام إدارية ومالية وبحوزته 8 ملايين سنتيم. وحاصرته جيوش الاستعمار رفقة 62 مجاهدا آخرين، وبعد ليلة طويلة من تبادل الرصاص تمكن 9 من الفرار فيما القي القبض على 7 واستشهد 11 اخرون من بينهم الشيخ الحبوس الذي دفن في مكان استشهاده دون أن يعلم له ليومنا هذا قبره.