من المنتظر أن ينقل جثمان الشهيد »صديق بن شعلال« في الخامس من شهر جويلية المقبل إلى مسقط رأسه بقرية ثاكنة التابعة لبلدية آيت يحيى بعين الحمّام، وذلك بعد سقوطه في ميدان الشرف منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمن. وبقي الشهيد منسيا ومهملا إلى حين قرّرت عائلته وقريته نفض الغبار عنه وإعطائه المكانة المناسبة له، حيث قرّرت لجنة القرية بالتنسيق مع السلطات المعنية بناء نصب تذكاري لتخليد الشهداء ال 14 الذين قدّمتهم القرية كخيرة رجالها للثورة التحريرية المباركة دون حساب المجاهدين والدور البارز الذي أدّته المرأة في خدمة القضية الوطنية. وتمّ اختيار الاحتفال المزدوج بعيدي الاستقلال والشباب لتنصيب هذا النصب ونقل جثمان الشهيد »سي الصديق« من قرية آيت حاق التي سقط فيها بالأربعاء ناث إيراثن إلى »ثاكنة«. هذا، وقد أحيت قريته مسقط رأسه »ثاكنة« الذكرى ال ؟؟؟؟ لاستشهاده في ال 13 من شهر جوان الجاري، وذلك لأوّل مرّة بعد أكثر من نصف قرن من النّسيان الذي طاله. وكان جمع من المجاهدين وأبناء الشهداء ورفقاء السلاح للشهيد قد شاركوا في إحياء ذكراه وإعادته إلى قريته. »الصديق بن شعلال« من مواليد سنة 1902 بقرية »ثاكنة« عرش »آيت يحيى«، كبر يتيما بعدما فقد والده وهو حديث السنّ فحرصت والدته على أن تكون تربيته دينية إسلامية، وتضمن الزاوية حفظه من الضياع وتعمل على تشبّعه بالمبادئ والأخلاق الحميدة في غياب والده، التحق بزاوية »سيدي عبد الرحمن الأيلولي« وذلك سنة 1910، بعدها تنقّل إلى زاوية »سيدي منصور« بعرش »إث جناد باغريب« بين 1915 و1920. ونظرا للظروف المعيشية الصّعبة بالمنطقة على وجه العموم وعائلته خصوصا، اضطرّ الشهيد إلى السفر والاستقرار في المهجر، اشتغل عاملا في مصنع »رونو« للسيّارات لكنه ما لبث أن عاد إلى أرض الوطن والتحق بالمعهد الإسلامي وتتلمّذ على يد العلاّمة »ابن باديس« وكان من الأسماء البارزة، وكثيرا ما استلم إمامة بعض المساجد في العاصمة قبل أن تتّصل به القوّات الفرنسية طالبة منه الإلتحاق بصفوفها لحربها ضد الألمان، لكنه رفض واتجه نحو تونس أين تعلّم في جامع الزيتونة وبعدها بالأزهر بمصر. وفي مطلع الخمسينيات، عاد الفقيد إلى أرض الوطن وكان يمارس النّشاط السياسي والتعبئة الشعبية تحضيرا لوقود الثورة التحريرية، حيث كان كثير الكلام عن ضرورة انتهاج لغة السلاح ضد المستعمر قبل أن يلتحق رسميا بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1955. سنة بعد ذلك كلّف بالعمل المدني بعدما استحدث عمل الحبوس في النّظام الهيكلي لجبهة التحرير الوطني فكان برتبة ملازم، وذكر رفقاؤه أنه من أوائل شيوخ الحبوس بمنطقة القبائل، حيث يحتكم إليه ويفصل الشيخ في مختلف القضايا والأمور المدنية بين السكان، وذلك بعدما تقرّر التخلّي عن اللّجوء إلى العدالة الفرنسية وتسيير الشؤون العامّة للمواطنين وفقا لما تقتضيه الشريعة الإسلامية. استشهد »السي الصديق« في ال 13 من شهر جوان 1958 بقرية »آيت حاق« بالأربعاء ناث إيراثن في كمين نصبته الجيوش الفرنسية للمجاهدين، ولا يزال جثمانه في نفس المكان الذي سقط فيه، ولم يسبق وأن أحييت ذكرى هذا الشهيد قبل السنة الجارية. وحتى يبقى رجال الثورة وشهداؤها خالدين، رفعت عائلة الشهيد بمعيّة لجنة القرية والجهات المعنية عنه التهميش الذي لازمه لأزيد من نصف قرن من الزمن.