انضمت المولودة حيفا لشقيقتها الطفلة مريم في رحلة انتظار والدهما القابع في سجون الاحتلال التي يستقبل فيها عيد الأضحى المبارك مرة أخرى ، في عمر 16 شهراً ، كانت الطفلة مريم ، عندما أعاد الاحتلال اعتقال والدها الأسير عماد ياسر عطا موسى ، 42 عاماً ، بعد 4 سنوات من تحرره في صفقة " وفاء الأحرار "، فحرمت حضن والدها الذي عانى من قرار الاحتلال بزجه خلفه القضبان لقضاء ما تبقى من محكوميته البالغة 25 عاماً ، ليعاني من رفض طفلته له في بداية رحلة اعتقاله الثانية ، وبعدما أصبحت بعمر 7 سنوات ، تعتبر الأكثر تأثراً لغياب والدها وكلما حلت مناسبة خاصة العيد ، تفتح كلماتها جراح جديدة في حياة عائلتها وخاصة والدتها التي تبكي كلما سمعت طفلتها تقول " الحياة والعيد وكل المناسبات مش حلوين بدون أبي. غياب الوالد الزوج .. بحزن وألم ، تقول الزوجة أم مريم " أي قانون وعدالة تجيز هذا الظلم الكبير الذي تدفع ثمنه طفلتنا الوحيدة ؟، لم نكد نفرح بولادتها ولم يشبع والدها بعد 14 عاماً من الاعتقال والسجن من رؤيتها حتى انتزعه الاحتلال من بيننا وزجه خلف القضبان د1ون ذنب أو سبب "، وتضيف " منذ تحرره في الصفقة ، التزم عماد ببنودها وكان تركيزه على تأسيس حياته وبناء مستقبله ، تزوجنا وفرحنا ونحن نخطط لحياتنا القادمة ، لكن الاحتلال سرق فرحتنا ونغص احلامنا وحول حياتنا لحزن وبكاء ودموع "، وتكمل " ما ذنب طفلتي لتتربى بعيدة عن حضن والدها ومحرومة من حنانه وحتى هدية العيد؟ ، وما يؤلمني ان أمام زوجي رحلة اعتقال طويلة ، فكيف ستكون حياتنا ومستقبل طفلتنا ومشاعرها في غياب والدها والزوج الحنون؟ من حياته .. تتزين جدران منزل عائلة عماد في قرية مركة جنوب جنين ، بصوره التي تروي محطات حياته منذ الطفولة حتى السجن ، وتقول زوجته أم مريم " نشأ وتربى في قريته التي تعلم بمدارسها حتى الصف العاشر ، ثم ترك تعليمه وانضم لوالده للعمل في مهنة الزراعة التي عشقها وأحبها وهو على مقاعد الدراسة ،فقد برزت لديه روح الانتماء والمحبة والاستعداد للتضحية من اجل العائلة وهو طفل صغير ، فلم يتوانى لحظة عن الوقوف لجانب والده الذي تعلم منه حب الأرض والعطاء والتضحية في سبيلها ", وتضيف " تميز عماد بالأخلاق العالية وبر الوالدين ، وكان ملتزم دينيا ويواظب على المطالعة وخاصة في القضايا الدينية والشرعية حتى أكمل حفظ القران الكريم كاملاً عن غيب ،عرفه الجميع بالطيبة والحنان وهو دائما بشوش وضحوك متفاءل جدا وصبور "، وتكمل " عانى من مرض الشقيقة وتفاقمت حالته خلال رحلة اعتقاله بسبب إهمال علاجه من إدارة السجون حتى كان يفقد وعيه لفترات طويلة ، وقضى جزء من اعتقاله الأول في عيادة سجن الرملة . الاعتقال الأول تروي الزوجة الصابرة ، أن الاحتلال اعتقل عماد في المرة الأولى أواسط عام 1998 ،وتقول " في ذلك اليوم ، كان عماد وعائلته انهو موسم حصاد القمح والعدس واحضروها للمنزل بعد تجهيزها للبيع ، لكن الاحتلال نغص عليهم الفرحة بعد التعب والكدح في الأرض عندما اقتحم المنزل وقام بتدمير وإتلاف المحاصيل بشكل كامل ومتعمد "، وتضيف " اعتقل الاحتلال عماد الذي تعرض للتعذيب في زنازين الجلمة ثم حوكم بالسجن 25 عاماَ بتهمة مقاومة الاحتلال ، فتجرع كل صنوف المعاناة من عزل وحرمان زيارات ونقل بين كافة السجون الاسرائيلية. الحرية والاعتقال تنسم عماد عبير الحرية بعدما قضى 14 عاماً من محكوميته في الدفعة الأولى من صفقة وفاء الأحرار في 18/10/2010 ، واستانف حياته وتزوج في 5-3-2011 ،ورزق بطفلته الوحيدة مريم ، وتقول زوجته " عشنا ايام ولحظات جميلة في كنف زوجي الذي كرس حياته لنعيش بسعادة وأمل ، لكن الاحتلال نغص علينا الفرحة بعد عام و4 شهور من ولادة مريم ، ففي 18/6/2014 ، اقتحم العشرات من الجنود منزلنا "، وتضيف " عشنا صدمة كبيرة ولحظات مروعة والجنود يفتشون المنزل بشكل دقيق دون معرفة الأسباب ، فزوجي لم يمارس أي نشاط أو يخرق بنود شروط الصفقة ، ورغم ذلك ، اعتقلوه بشكل تعسفي وظالم "، وتكمل " لم نصدق ما يحدث ، وجلست انتظر عودة زوجي حتى فوجئنا بعرضه على المحكمة التي قررت أعاده حكمه السابق 25 عاماً والذي بقي منه 10 سنوات ، ورفضت المحكمة استئناف المحامي وفرضت سياساتها الظالمة علينا. إكمال المشوار .. وسط معاناة الزوجة وقلقها على زوجها وحزنها على حياة طفلتها ، صبرت وصممت على إكمال المشوار ، وتقول " تبددت فرحتنا بالإفراج عنه ، ولم يحرك احد ساكناً لإلزام إسرائيل بالإفراج عن محرري الصفقة ونقل الاحتلال زوجي من سجن لأخر حتى استقر مؤخراً في سجن النقب "، وتضيف " كرمني رب العالمين بالصبر ، وأمنت بحكمة رب العالمين واحتضنت طفلتنا وعاهدت عماد على إكمال المشوار وتربية طفلته كما يحب حتى تتحطم القيود ويجتمع شملنا من جديد "، وتكمل " ألمي الحقيقي كان وضع طفلتنا مريم ، ففي بداية اعتقال والدها لم تتقبله ،وكان تقضي يومها بالبكاء بعد عودتنا من الزيارة حتى عرفته وتعلقت به كثيراً ، ورغم انها لم تعيش مع والدها ، فانها حالياَ و في غالبية الأوقات وخاصة المناسبات وفي العيد تحزن وتبكي وتطلب والدها بشكل دائم ، ولم تعد تتأخر عن زيارته إطلاقا. معاناة الوالدة المريضة .. تبكي الوالدة السبعينية أم مؤيد ، وقطار العمر يمضي وما زال حبيب قلبها عماد خلف القضبان ، وقد زاد وجعها والمها منذ وفاة زوجها اثر المرض ، وتقول أم مريم " حماتي عانت الكثير خلال مرحلة اعتقال عماد الأولى التي قضتها على بوابات السجون مع والده ، وانهارت وتعبت كثيرا بإعادة اعتقاله الذي اثر على الجميع "، وتضيف " أصعب مرحلة بحياة عماد والعائلة وفاة والده بسبب جلطة على الدماغ ، فلم يتمكن من وداعه ، وما زال حزين بسبب علاقته وتعلقه الكبير بوالده "، وتكمل " ليل نهار تصلي حماتي معنا لرب العالمين ليمد بعمرها ، فالإمراض التي تعاني منها تحرمها في غالبية الأوقات من زيارته بشكل منتظم وحلمها الوحيد عناقه ورؤيته بين أحضانها. المولودة الجديدة .. في تحدي للاحتلال ، أنجبت أم مريم ، طفلة من نطفة مهربة من زوجها القابع بسجون الاحتلال ، اطلقت عليها اسم حيفا ، وعبرت عن سعادتها بتحقيق امنية رفيق دربها الذي تغيبه قضبان السجون ، وقالت " رغم الالم شيء جميل أن نستقبل العيد بفرحة جديدة ، فابنتي مريم اكثرنا سعادة بعدما اصبحت لها شقيقه ، واتمنى أن يجتمع شملهما بوالدهما قريباً ويعيشان في كنفه "، واضافت " انجابي يؤكد أن الاحتلال لا يستطيع كسر إرادتنا وقوتنا، وان شاء الله تكون حيفا بشرى بحرية قريبة لوالدها ". متى يأتي العيد ؟ .. لم تستعد أم مريم للعيد القادم ، فالحزن يغمر حياتها رغم معنوياتها العالية ، وتقول " اعادة اعتقاله مرة اخرى اعتبره أكبر ظلم بالنسبة له ، فلم يخالف بنود الصفقة التي فرضت عليه الاقامة في القرية ، وكلنا أمل برب العالمين أن تنتهي هذه المعاناة المريرة ، فكلنا بحاجة لعماد لان المسؤولية الملقاة على عاتقي كبيرة وصعبة جدا والحياة مرة واكثر من مرة في غيابه " وتضيف " املنا ان يكون هو وكل الاسرى معنا في العيد القادم ، كل يوم تسألني طفلتي متى يعود والدي لنفرح في العيد ، واصبحت اعجز عن الاجابة لقلقنا المستمر بسبب سياسات الاحتلال التعسفية الظالمة ".