اتخذ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قرارا يسمح ابتداء من اليوم برفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني حتى ملفات عام 1970. وذكر بيان للإليزيه أن القرار سيؤدي إلى تقصير فترات الانتظار المرتبطة بإجراءات رفع السرية، لا سيما فيما يتعلق بالوثائق المتعلقة ب«حرب الجزائر". وتأتي الخطوة بعد طلبات تقدم بها الباحثون الجامعيون للرئاسة الفرنسية لتسهيل الوصول إلى الأرشيفات السرية التي يزيد عمرها عن خمسين عامًا. ووفق بيان الإليزيه فقد شرعت الحكومة بناءً على طلب ماكرون في عمل تشريعي لتعديل قانون التراث وقانون العقوبات لتسهيل عمل الباحثين وتعزيز القدرة على التواصل بين الأجزاء، دون المساس بالأمن القومي والدفاع. أستاذ التاريخ نجيب دكاني شرط عدم مساس الأرشيف بالأمن القومي الفرنسي يمس بمصداقية قرار ماكرون أكد أستاذ التاريخ نجيب دكاني على ضرورة الاستغلال الحسن لفرصة رفع السرية عن الأرشيف الفرنسي من بينها أرشيف الثورة التحريرية. وأوضح دكاني في تصريج نقله عنه موقع "سبق برس"، أنه ينبغي الترحيب بكل قرار يتيح الإطلاع على أرشيف الثورة التحريرية، خاصة أن سريته جعلت البحوث الفرنسية المنجزة عن الثورة التحريرية أكثر من نظيرتها بالجزائر، ما جعل الباحثين الجزائريين تابعين لما يصدر بالطرف الشمالي. وقرأ دكاني في توقيت خطوة ماكرون بأنها محاولة منه لاستقطاب الأصوات وتحضير مسبق للحملة الانتخابية، من خلال التقرب من الطبقة المثقفة والاستجابة لمطالبها برفع السرية عن الأرشيف الفرنسي، خاصة أنه يخوض معركة كبيرة ضد تصاعد اليمين المتطرف وتراجع شعبيته. بالمقابل أكد أنه يتعين على الطرف التعامل وفقا لمبدأ ما يعطي لنا لا نرفضه ولكن نطالب دائما بالمزيد، من خلال استرجاع الأرشيف كاملا وليس لفترات معينة، لأن قراءة التاريخ الحقيقي تستدعي الاطلاع عليه كاملا وفقا لمراحله غير المجزأة. ودعا أستاذ التاريخ السلطات الجزائرية لضرورة المطالبة باسترجاع أرشيف الجزائر المتعلق بما قبل الاحتلال الفرنسي، حيث عمد الجنرال دوبورمون إلى نقل أرشيف الفترة العثمانية إلى فرنسا وهو ما يعد خطوة هادفة لطمس تاريخ وهوية الجزائريين. وأكد على ضرورة اللجوء إلى التحكيم الدولي من أجل استرجاع الحقوق الجزائرية وأرشيف ما قبل 1830. من جهة ثانية أعرب دكاني عن تخوفه من رهن رفع السرية عن الأرشيف باشتراط ألا يتم "المساس بالأمن القومي والدفاع"، وهو ما يعني أن يتم تقسيم وتسطيح تاريخ الثورة التحريرية والتواجد الفرنسي في الجزائر والتستر عن الجرائم الحاصلة، لتكون المحصلة حرمان الباحثين من الحقيقة التاريخية والسياسية وعدم افتكاك اعتراف فرنسا بجرائمها.وتساءل محدثنا عن السر وراء التعامل الفرنسي مع الجزائر بتخوف، رغم أنها اعترفت بجرائمها اتجاه سواء اليهود أو التفجيرات النووية ببولينزيا، في حين أنها تعاني من عقدة عدم القدرة على الاعتراف بهزيمتها في الجزائر، كون احتلالها للجزائر كان مختلفا، إذ قام على هدف الاحتلال الاستيطاني قبل أن يفتك الجزائريون استقلالهم بقوافل من الشهداء. أما بخصوص الإشكالات التي يمكن أن تطرح فيما تعلق بأرشيف الحقبة الاستعمارية إلى جانب رهن السرية بشرط عدم التأثير على الأمن القومي، يضاف لها الإشكال القانوني المتمثل في كيف يمكن الحصول على هذا الأرشيف؟، وهل يمكن نقله للجزائر أم تنقل الباحثين للاطلاع عليه بفرنسا فقط؟، مؤكدا أن هكذا آليات تفصيلية يجب أن تكون واضحة. وهيبة/ك