تحدثت اوساط عليمة من فرنسا عن إمكانية تأجيل زيارة بوتفليقة الى فرنسا الى حدود سنة 2010 لأسباب عديدة منها السياسية و منها الأمنية سممت الأجواء منذ مدة و عطلت عملية "كسر الجليد" التي حاول الرئيسين بوتفليقة و ساركوزي القيام بها منذ أكثر من سنتين. و كانت مصادر مطلعة على العلاقات بين البلدين قالت أن الأسباب متعلقة بكثافة أجندة الرئيسين و برمجتها الى ما بعد نهاية السنة. وكانت يومية "لوماند"المتخصصة في الإخبار المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين البلدين هي أول من أثار هذه الإمكانية مستندة إلى مصادر ملمة بالموضوع.ويأتي هذا في حين كان أكد كاتب الدولة الفرنسي المكلف بالدفاع وقدامى المحاربين جان ماري بوكيل أن السلطات الفرنسية تتطلع لرفع الجمود في العلاقات مع الجزائر عبر الزيارة الرسمية التي كان من المنتظر يقوم بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى باريس قبل نهاية 2009. وقال أيضا عقب اجتماعه بالوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني الجزائري عبد المالك قنايزية بمقر الوزارة بالعاصمة الجزائرية أن "السلطات الفرنسية تقوم بتحضيرات حثيثة لاستقبال الرئيس بوتفليقة استقبالا لائقا وتأمل أن تكون الزيارة فرصة لترقية العلاقات وبعث ديناميكية سياسية جديدة بين البلدين. وكانت زيارة كاتب الدولة الفرنسي المكلف بالدفاع وقدامى المحاربين جان ماري بوكيل تشبه إلى حد كبير ان تكون " مهمة استطلاع" يقوم بها لصالح الرئيس ساركوزي لتقييم "مدى استعداد الجزائر للشروع في الدخول مع ساركوزي في "عهد جديد". ولعل من اجل هذا تقرر رفع أجور قدامى المحاربين الجزائريين الذين شاركوا في الحربين العالميتين في صفوف القوات الفرنسية و تعويض ضحايا التجارب النووية التي قامت بها فرنسا في الصحراء الجزائرية ابتداء من عام 1956 إذ قال بوكيل أن" الدولة الفرنسية تكفلت بمعاشاتهم ومعاشات المصابين حيث استفاد عدد هام من المحاربين الجزائريين من هذه المعاشات بالطريقة نفسها التي استفاد بها المحاربون الفرنسيون" مؤكدا تعويض ضحايا التجارب النووية التي قامت بها فرنسا في الصحراء الجزائرية وأنه" يتابع شخصيا وبمعية وزير الدفاع هذا الملف" لبحث آليات حل القضية وتقديم التعويضات اللازمة للضحايا. و الجدير بالذكر ان وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي كان قد أعلن هو الأول أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وافق على القيام بزيارة رسمية الي فرنسا تلبية لدعوة وجهها له الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي واشار الى أن السلطات الجزائرية والفرنسية تعملان على ترتيب هذه الزيارة وتحضير الملفات والمسائل التي يمكن التطرق أليها بمناسبة هذه الزيارةلكن بين التصريحات و الانتضار حدثت أمور كثيرة أقل ما يقال أنها ان لم تزد من سمك الجليد بين البلدين فقد تركته على حاله منها احتجاز الديبلوماسي الجزائري "محمد حساين" بمطار مرسيليا و منها إثارة قضية مقتل الرهبان الفرنسيين و منها قضية توقيف خلية تجسس لصالح باريس بالشرق الجزائري ردود فعل الساسة الجزائريين تباينت حول التصعيد الذي شهدته العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ التصريحات التي أطلها الجنرال الفرنسي المتقاعد بوشوالتر، للعدالة الفرنسية، والتي أكد فيها أن مذبحة رهبان تبحيرين التي وقعت عام 1996، كانت خطأ من الجيش الجزائري، وهي التصريحات التي انتقدتها الجزائر بعنف ورد عليها مؤسسان للجماعة الإسلامية المسلحة عبد الحق العيايدة و عمر شيخي بالتأكيد على أن من قتل الرهبان هم عناصر من الجماعة المسلحة "الجيا" وقد تكلم ثلاثة من كبار المسؤولين الجزائريين و هم رئيس الوزراء احمد أويحيى و وزير الدولة عبد العزيز بلخادم ووزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني و ردوا على المزاعم الفرنسية بنفس العنف الذي جاءت به التصريحات كما جدد ميلود شرفي انتقاده لاتهام الجيش الجزائري بالضلوع في مقتل الرهبان الفرنسيين، وقال: "لقد كانت تصريحات الجنرال الفرنسي المتقاعد بشأن اتهام مؤسسة الجيش الجزائري بالوقوف خلف مقتل الرهبان الفرنسيين استفزازا واعتداء جديدا على الجزائر جاءت في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تسعى لتطوير علاقاتها الثنائية مع الجزائر. وقد نددنا في التجمع الوطني الديمقراطي بتلك التصريحات، وبكل الأصوات التي تشكك بكل ما يجري في الجزائر، لأننا لا نريد تدخلات أجنبية في مشوارنا الاقتصادي خصوصا بعد انتخاب رئيس الجمهورية ومجيئه ببرنامج طموح للتنمية الاقتصادية".و ما ان بدأت تهدأ قضية مقتل الرهبان الفرنسيين حتى كشف النقاب عن أن المصالح الأمنية الاستخباراتية بولاية الطارف، أوقفت أربعة أشخاص من بينهم امرأة وضبطت بحوزتهم مراسلات رسمية، صورا رقمية لمنشآت إدارية، أمنية، صناعية بيتروكيماوية وأخرى عسكرية بولايات سكيكدة، عنابة والطارف، قالت بأنهم يعملون لصالح شبكة للتجسس تعمل لحساب القنصلية الفرنسية بعنابة.أما السفير الجزائري السابق لدى فرنسا رضا مالك فقلل من أهمية الجدل الدائر على مستوى الإعلام، وأكد أنه لا يمكنه أن يمس العلاقات الجزائر الفرنسية التي وصفها بأنها وثيقة ومتينة، وقال ايضا "هذه الخرجات الإعلامية التي تظهر بين الفينة والأخرى لا تتعدى المعارك الإعلامية، ولن تؤثر بالقطع على العلاقات الرسمية بين البلدين، وهي علاقات قديمة وقوية ولا تحكمها الصحافة"صحيح أن الصحافة لن تؤثر بين البلدين و لكن مشاكل من ذلك الصنف ستترك انطباعا بأن الأمور لا تسير على أحسن ما يرام و أن الاختلالات من هذا القبيل إذا تفاقمت فإنها ستفسد أي تقدم و فد حصل هذا فعلا بين البلدين في مطلع التسعينيات و دام الخلاف قرابة عشر سنوات كاملة حتى أعادها الى خط الاعتدال مجددا بوتفليقة و الرئيس الفرنسي السابق "جاك شيراك" و كان هذا في مطلع سنة 2001