ألغى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زيارة كانت مقررة يوم11 جويلية للمغرب بعد ضغوطات شديدة مارسها ضده محيط الملك المغربي محمد السادس وهذا بسبب تراجع فرنسا عن مواقفها التقليدية إزاء قضية الصحراء الغربية. وبسبب صعوبة الموقف لم يجد القصر الملكي المغربي من سبب يقدمه لمصالح التشريفات الفرنسية إلا القول بأن رزنامة الملك محمد السادس "لا تساعد على هذه الزيارة في الوقت الراهن". وقد تأكد رسميا أن الرئيس الفرنسي الجديد سيقوم بزيارة ثانية للجزائر عشية الفاتح نوفمبر المقبل. بشكل مفاجئ، أبلغ محيط الملك محمد السادس الرئيس الفرنسي الجديد قناعته بأن سياسة باريس الجديدة في حكم الرئيس نيكولا ساركوزي تعتبر "خيانة" للتوجه الذي اعتمده رؤساء فرنسا منذ عقود والذي كان يعكس حرص باريس على ضمان سيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية. وجاء قرار التأجيل حسب السيد "دافيد مارتينون" الناطق الرسمي للرئاسة الفرنسية "بطلب من السلطات المغربية لأسباب تتعلق بالبرنامج المكثف للملك"، وحسب مصادر مغربية مأذونة تحدثت لوكالة الأنباء الفرنسية أمس فإن "المغرب كان يتمنى أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي خاصة بالمغرب وحده لتدوم فترة طويلة".. وبررت بعض الأوساط المغربية غير رسمية "إلغاء أول زيارة للرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي للمملكة لرفضهم أن تكون الجزائر أول محطة في جولة الرئيس الفرنسي التي تدوم من 9 إلى 11 جويلية الجاري وهذا بدلا عن المغرب الذي وضع في آخر يوم للجولة ودون أن يتم إدراج ملف الصحراء الغربية مثلما جرت عليه تقاليد الرؤساء الفرنسيين الذين يزورون المغرب ولو لساعات محدودة". واعتبر العديد من المتابعين للتردي غير المعلن للعلاقات بين الرباط وباريس أن المبررات المغربية تخفي وراءها ضغوطا غير معلنة على الرئيس ساركوزي بشأن ملف الصحراء الغربية، حيث ظلت باريس تعامل الرباط على أنها "الإبن المدلل" في المنطقة المغاربية وظلت تشكل لها السند في المحافل الدولية وهذا لأسباب تاريخية ترجع إلى الروابط المتينة التي كانت تربط الملك الأب بمسؤولي فرنسا. كما تعكس الأرقام الاقتصادية تفضيل فرنسا للمغرب، ففي الوقت الذي يوجد فيه بالمملكة أكثر من 1000 مؤسسة اقتصادية فرنسية لم تسجل الجزائر مقابل ذلك سوى 200 مؤسسة فرنسية.. ويعتقد متتبعون لهذا الفتور في العلاقات بين البلدين أن من الأسباب التي فجرت العلاقات بين البلدين التصريحات الأخيرة للسيد بيرنار باجولي، السفير الفرنسي بالجزائر يوم11 جوان الماضي للصحفيين الجزائريين، حيث أوضح أن "قضية الصحراء الغربية ليست مشكلة كبيرة ولا تمثل رهانا بالنسبة لفرنسا"، وهي تصريحات فهمت في الرباط على أنها "خيانة" لنهج شيراك الذي كان يمارس الأبوة على المغرب، حيث ذهب الرئيس السابق إلى حد اعتبار "الملك محمد السادس بمثابة الإبن الذي لم يلده". وبالنسبة لزيارة الرئيس ساركوزي للجزائر، فسيرافقه خلال الزيارة التي تدوم ست ساعات فقط وزير الخارجية بيرنارد كوشنر "المنبوذ" في الأوساط الجزائرية لمواقفه المؤيدة للصهيونية وصاحب نظرية حق التدخل في الشؤون الجزائرية باسم حقوق الإنسان" وهو المسؤول الفرنسي الوحيد الذي سيرافق ساركوزي، لكن مصادر باريسية كشفت ل"الشروق اليومي" أن مجىء بيرنارد كوشنار إلى الجزائر لا يعني أن ساركوزي يحمل نظرة سوداوية، وبررت هذه المصادر ذلك، بالإشارة إلى تصريحات سابقة أدلى بها سفير باريس بالجزائر السيد برنارد باجولي سفير فرنسابالجزائر الذي أبلغ خلال ندوة صحفية بالجزائر الصحافيين بأن "مسؤولي الوحيد هو الرئيس نيكولا ساركوزي"، وهذا بعد أن أعرب عن قناعته بأن "العلاقات مع الجزائر ستشكل إحدى أولويات الدبلوماسية الفرنسية وبالتالي طرح شراكة طموحة بين البلدين". وفهم محللون أن تصريحات سفير باريس بالجزائر تعني أن الرئيس نيكولا ساركوزي يعالج ملف الجزائر بنفسه دون المرور عبر وزارة الخارجية.. وعلى الرغم من غياب جدول عمل محدد، الا أن مصادر دبلوماسية كشفت ل "الشروق اليومي" أن "ساركوزي سيبدأ محادثاته مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فور ركوبه سيارة الرئاسة الجزائرية وهذا طوال الطريق إلى إقامة الضيافة بزرالدة"، حيث سيتم خلال مدة 30 دقيقة تهيئة الجو للمحادثات التي تتم بصفة رسمية بعد ذلك بإقامة زرالدة "رأسا لرأس" لتتوسع لوفدين البلدين لاحقا، حيث سيهيمن مشروع الوحدة المتوسطية الذي يضم كل من فرنسا، اسبانيا، اليونان، ايطاليا، ثم التوسع في مرحلة ثانية لكل من تركيا وإسرائيل ولبنان وسوريا. ومن المنتظر أن ينشط ساركوزي في ختام زيارته للجزائر التي تبدأ من الساعة 11 صباحا مؤتمرا صحفيا بعد مأدبة الغداء التي ستقام على شرفه. عزوز سعاد:[email protected]