تؤكد باريس أنها تقوم بتحضيرات حثيثة لاستقبال الرئيس بوتفليقة استقبالا لائقا بمقامه وبمقام الجزائر في الأجندة الفرنسية. فحسب مصادر إعلامية من باريس أن الزيارة برمجت لأواخر شهر جويلية القادم. وكانت مشاركة بوتفليقة في قمة نيس الفرنسية - الإفريقية ولقائه بساركوزي ثم استقبال كلود غيان "مقدمات" لا بد منها لترتيب هذه الزيارة. وكان بوتفليقة قد استقبل منذ ثلاثة أيام الكاتب العام للإليزيه كلود غيان الذي قابل أيضاً الوزير الأول أحمد اويحيى وتناولت المحادثات بينهما سبل تطبيع العلاقات الجزائرية - الفرنسية وحملت ثاني زيارة لأمين عام الإليزيه للجزائر في ظرف أشهر قليلة رغبة فرنسية في الإسراع لتصحيح الوضع في علاقات البلدين. وتتطلع باريس إلى الحصول على حصص خلال المخطط الخماسي الجديد في الجزائر بقيمة 286 بليون دولار بقدر تطلعها إلى الحصول على تقارب سياسي. ويقول مراقبون في الجزائر أن الرئيس الفرنسي لا يملك أمرا جديداً غير آرائه البراغماتية السابقة التي تدعو إلى علاقات تحكمها المصالح الاقتصادية بعيداً عن صداع الرأس الذي يصنعه جيل الثورة نظرا إلى التاريخ المتوتر الناتج عن حقبة الاستعمار. وأبلغت الجزائر الفرنسيين بإمكانية تحقيق زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري بوتفليقة لباريس في غضون أسابيع ورجّح مصدر أن يكون بوتفليقة قد نقل إلى غيان شروطاً جزائرية لتطبيع العلاقات بينها ضرورة المعالجة الشاملة للملفات الخلافية وليس فقط تقديم القضايا الاقتصادية على حساب السياسية، بما في ذلك تصحيح الصورة في شأن الرعايا الجزائريين في فرنسا وجلب استثمارات مباشرة ودعم فرنسا مطالب الجزائر أمام الإتحاد الأوروبي، وأخذ موقف معتدل من قضية الصحراء الغربية، وكذلك تسهيل تنقل الأشخاص بين ضفتي المتوسط. وكانت زيارة بوتفليقة لباريس قد تأجلت ثلاث مرات بسبب ظهور خلافات عند كل استعداد للقيام بها و كان قد أكد كاتب الدولة الفرنسي المكلف بالدفاع وقدامى المحاربين جان ماري بوكيل عقب اجتماعه بعبد المالك قنايزية أن السلطات الفرنسية تقوم بتحضيرات حثيثة لاستقبال بوتفليقة استقبالا لائقا.. وتأمل أن تكون الزيارة فرصة لترقية العلاقات بين البلدين". فيما أعلن وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي مؤخرا أن الرئيس بوتفليقة وافق على القيام بزيارة رسمية إلى فرنسا تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مشيرا إلى أن السلطات الجزائرية والفرنسية تعملان على ترتيب هذه الزيارة وتحضير الملفات والمسائل التي يمكن التطرق إليها بمناسبة هذه الزيارة. وتعرف العلاقات بين الجزائروفرنسا حالة من الجمود على خلفية الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين البلدين بعد احتجاز السلطات الفرنسية للدبلوماسي الجزائري محمد حسني زيان في 14أوت 2008 بتهمة التورط في اغتيال المعارض علي مسيلي بباريس عام 1987 قبل أن يتم الإفراج عنه في شهر فبراير الماضي وتسعى فرنسا إلى استعادة النشاط الاقتصادي الفرنسي في الجزائر وإحياء مشروع معاهدة الصداقة بين البلدين التي كان من المقرر التوقيع عليها نهاية 2007 والتي تم تأجيلها لأسباب سياسية تتعلق بتمسك الجزائر بمطلب اعتذار فرنسا رسميا عن جرائمها بالجزائر خلال حقبة الاستعمار وتعويض الضحايا قبل أي حديث عن اتفاقية للصداقة أو علاقات بين فرنساوالجزائر. ودعا بوتفليقة بمناسبة إحياء ذكرى مجازر الثامن من مايو 1945 الحكومة الفرنسية إلى البحث عن صيغة توافقية لتسوية ملف الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي.