أكد خبير مصرفي أن تأثير أداء الشركات في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، محدود نظراً إلى ارتباطها المباشر وتعلقها بالاستهلاك الفردي والإنفاق الحكومي. وأوضح روبرت باركر، كبير الاستشاريين الاقتصاديين في كريديت سويس في ندوة أقامها اتحاد الشركات الاستثمارية، أن حدوث أي تراجع في معدلات السيولة في اقتصاديات دول الخليج لا يرتبط بشكل مباشر بأداء الشركات العاملة في هذه الاقتصادات بقدر تعلقها بأداء القطاع الاستهلاكي من الأفراد والحكومة، باعتباره المحدد الرئيسي لوضع السيولة في السوق. وأشار في كلمته إلى أن السيولة في دول المجلس ترتبط بشكل رئيسي بأسعار النفط، الذي قد يفوق 90 دولارا للبرميل، مبيّنا أن التعامل مع نقص السيولة يأتي من خلال تكوين محفظة استثمارية في الأسهم ذات الأسعار المتدنية، على أن تكون الدخول في تلك الاستثمارات وفق مدى زمني يراوح بين خمس إلى عشر سنوات. ورداً على تساؤل بشأن مصير الوحدة النقدية الخليجية في ضوء تداعيات الأزمة المالية التي ضربت اليونان وتهديد منطقة اليورو، أوضح باركر أن الكويت لجأت إلى ربط عملتها بسلة من العملات، مضيفاً أن انسحاب سلطنة عمان من موضوع الوحدة النقدية الخليجية يمثل أكبر دليل على مراجعة تلك الدول للاتفاقية وهو ما قد يؤدي إلى تأجيل إطلاقها لأجل غير مسمى. ومن ناحية أخري، كشف عن أن مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل سيوزع في المرحلة المقبلة مشروعاً ملزماً على دول الاتحاد بضرورة التقيد بالتزاماتها والمتمثل بتخفيض العجز المالي بنسبة لا تزيد عن 3٪ وأن لا يزيد الدين العام عن 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي، حيث أن دولا كثيرة لم تلتزم بتنفيذ تلك القواعد. وأشار باركر إلى قواعد صارمة سيطبقها الاتحاد الأوروبي لتقليص العجز المالي الشديد لليونان خلال المرحلة المقبلة، ورأى أن إسبانيا مقبلة على أزمة حقيقية في شهر جوان المقبل ما لم تقم بسداد مبلغ مالي كبير مستحق عليها في ذلك الشهر. وأوضح باركر أنه رغم الإجماع على وجود تباطؤ في الاقتصاد العالمي، فإن هناك عدة نقاط تدعو إلى التفاؤل، أهمها الانتعاش البطيء في أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم، إضافة إلى الانتعاش القوي في التجارة العالمية منذ بداية العام الحالي، مبيناً أن اقتصاد الولاياتالمتحدة سيسجل نموا يبلغ 4 في المائة، إضافة إلى تطور الاقتصاد الياباني، لكن بعض الاقتصادات الناشئة، مثل الهند، ستواجه انخفاضا في النمو، إذ من المتوقع أن تسجل 9٪ بدلاً من 12٪، في حين ستحقق روسيا 5٪. وبين باركر أن اقتصاد منطقة اليورو يرتبط بشكل أساسي بدولتين رئيسيتين في الاتحاد الأوروبي هما فرنسا وألمانيا، اللتان تسيطران على النمو هناك، مؤكداً أن هاتين الدولتين تسجلان معدلات نمو واضحة خلال العام الحالي، لافتاً إلى أن ضعف اليورو سيساعد المصدرين الأوروبيين على زيادة صادراتهم خارج الاتحاد، داعياً إلى التعامل باليورو في الوقت الحالي، والبيع على المكشوف للين في اليابان. وأفاد أن اليونان يجب أن تستغل التمويل الأوروبي في إصلاح اقتصادها خاصة أن أزمتها بدأت في الثبات والتباطؤ، إذ انخفض العجز في اليونان من بداية العام الحالي إلى أكثر من 40٪، فيما ستعيد اليونان جدولة ديونها لمدة 10 سنوات. ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن باركر رأيه في أن ايطاليا لا تشكل خطراً، حيث يوجد فيها أعلى مدخرات شخصية، تمكنها من تمويل السندات الايطالية وتخفيض العجز. وأوضح باركر أن أسعار الأسهم في أسواق المال العالمية ليست رخيصة ولكنها معقولة حالياً، مبيناً وجود عامل إيجابي مساعد على نمو الأسواق في بداية جوان القادم، وهو أرباح الشركات، موضحاً أنه في نهاية 2009 كان الوضع خطير ولكن في نهاية افريل كانت الأسواق في أعلى منحنى الطفرة والارتفاع. وشدد باركر على أن هذا النموذج يدعو إلى اتخاذ مزيد من الحذر خلال السنة القادمة التي ستتباطأ فيها الاقتصادات الناشئة. واعتبر أن أسعار النفط عند 70 دولارا تعد رخيصة وكذلك النحاس، لذلك هناك فرص للاستثمار في السلع والطاقة، لاسيما أن أسعار الغاز تحت الضغط ومن المتوقع أن تتحسن في الأشهر المقبلة.وتطرق باركر إلى النمو الذي يحدث في قطاع الطاقة البديلة، مبيناً أنه لا يعرف تطورات هذا القطاع في الكويت، إلا أن السعودية تطورت بشكل كبير في هذا المجال، حيث أنها تقوم باستخدام الطاقة البديلة في تقطير المياه.ونصح باركر بالاستثمار في قطاع الترفيه والفنادق والرعاية الصحية، فهذه القطاعات هي الأفضل على المدى القصير، أما على المدى البعيد، فينصح بالاستثمار في المنتجات الغذائية والزراعية إلى جانب الاتصالات والبرمجيات، خصوصا أن هذه القطاعات تشهد نمواً مستمراً وتغيرا كبيرا يحقق عوائد عالية مقارنة بالسندات الحكومية والأسهم الجيدة.