يتميّز المغرب بحجم مهمّ في مجال تحويلات أموال المهاجرين في العالم، ويمتلك سياسة نموذجيّة في استبناك التحويلات، إذ تتقاسم أربعة مصارف في المملكة 85 في المائة من حصّة سوق المهاجرين. كشفت معطيات رسميّة أن تحويلات المواطنين المغاربة القاطنين في الخارج، سجّلت ارتفاعًا بنسبة 11.9 في المائة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية. وذكرت أنّ القيمة الإجمالية لهذا الارتفاع بلغت مليارَي درهم، مؤكّدًا أنّ النسبة الأكبر كانت من أفراد الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، في حين سجّل نوع من الركود بالنسبة إلى التحويلات الآتية من فرنسا. وشهدت تحويلات المغاربة في الخارج انخفاضًا كبيرًا سنة 2009 نتيجة الأزمة المالية بنحو 14 في المائة، كما أنّ الانخفاض بدا جليا بالنسبة إلى الحوالات المصرفية التي تراجعت بدورها بنسبة ناقص 10.72 في تلك الفترة. ويرجع تقلص تحويلات المهاجرين المغاربة في تلك الفترة، إلى ارتفاع معدلات البطالة، التي يتحمل ثقلها المهاجرون أكثر من غيرهم. وتفيد إحصائيّات رسمية أن عدد المهاجرين المغاربة يقدر بخمسة ملايين نسمة، ويعيش غالبيتهم في دول أوروبا الغربية، خصوصًا في فرنسا، حيث يعيش 800 ألف مغترب مغربي. أمّا في إسبانيا فيعيش 750 ألفًا، وفي إيطاليا 450 ألفًا، إضافة إلى بلجيكا وهولندا، حيث تقطن جالية مغربية مهمة. ويمثل المهاجرون قوة اقتصادية مهمة بفضل التحويلات المالية نحو بلادهم ومشاريعهم الاستثمارية. وتعدّ تحويلات المغتربين في المغرب المصدر الأول للعملات الأجنبية، وتتفوّق على مصادر الدخل الأخرى كالصادرات الزراعية والصناعية، وعائدات السياحة، والفوسفات، والنسيج. وبلغت تحويلات المهاجرين السنة المنصرمة نحو 8 مليارات دولار، الأمر الّذي يجعل الاقتصاد المغربي يعتمد بنسبة كبيرة على هذه التحويلات في ميزانية الإنفاق الحكومي. وقال رضوان التهالي، محلّل اقتصادي، إنّ "هذا المورد يعدّ عاملاً مساهمًا في تنشيط الاقتصاد الوطني، لا سيما أنّ الأموال المحوّلة لم تعد توجّه من أجل الاستهلاك أو الادخار، بل للاستثمار، وخلق مشاريع مدرّة للدخل، وتنمية الثروات، وتحسين ظروف عيش السكان في البوادي والمناطق النائية، التي ينحدر منها المهاجرون المغاربة". وأوضح رضوان، أنّ "هؤلاء يشكلون العمود الفقري لما يمكن أن يصطلح عليه (الاقتصاد الاجتماعي) في دولهم الأصلية"، مبرزًا أنّ "الدورة الاقتصادية المحلية في بعض الجهات والمناطق تكاد تعتمد بالكامل على تحويلات المهاجرين أو أنشطتهم الاستثمارية".