********** دخلت زينة دكاش السجن الأكبر في لبنان، وأنجزت فيه عملاً مسرحياً أبطاله من السجناء، وخلال السنتين الماضيتين، تحوّلت هذه التجربة إلى مادّة إعلاميّة بامتياز، فقد فتحت الممثلة اللبنانيّة كوّة في الجدار، وسلّطت الضوء على واقع السجون اللبنانية غير الإنساني، بفضل "كاثارسيس"، جمعيتها المتخصصة في العلاج من خلال الدراما، في مبادرة هي الأولى من نوعها محلياً، خاضت محترفاً علاجياً شمل 45 سجيناً في سجن رومية، ونتجت منه مسرحيّة "12 لبناني غاضب"، هذه التجربة المسرحيّة كانت لافتة على أكثر من صعيد درامي وتربوي وإنساني، لكن هل كل ما سبق كافٍ لإنتاج شريط سينمائي؟ في "12 لبناني غاضب الوثائقي" الذي يعرض في 75 دقيقة، تنقل دكاش التجربة من أسوار السجن إلى الفضاء العام، اذ ابتداءً من 2 سبتمبر سيحتلّ السجناء كابو، وهاويلو، والنوري، والآخرون، الشاشة الكبيرة في صالة "متروبوليس أمبير صوفيل". ميزة الشريط أنّه يخرج هؤلاء من الزنزانة، ويعطيهم مساحةً لمرافعة في وجه منطق الجلاد والعدالة الملتبسة وفي هذا السياق، يبدو الفيلم خلاصة توثيقيّة ضروريّة لتجربة زينة دكاش، إذ تطغى "الحدوتة" هنا على المضمون السينمائي، كأنّ "12 لبناني غاضب" لم يصبح فيلماً إلا مصادفة، فيتخذ هذا العمل نبرة شريط تسجيلي يتبنّى التسلسل الحدثي المستقيم. كاميرا جوسلين أبي جبرايل تسرق اللقطات سرقة: لا إضاءة، ولا عناصر مواتية لحسابات جماليّة، هكذا جاء المضمون البصري عابقاً بالاختناق والتلصّص والسوداويّة والضياع وهو نقل حرفيّ لأجواء السجن، لمن لا يعرفه من الداخل، أمّا المونتاج فالورشة استمرّت فيه سبعة أشهر، تعاونت فيها المخرجة مع ميشال تيان على تقطيع 95 ساعة تصوير خام. التزمت خيارات المونتاج بالحبكة الهوليوودية: حياة السجناء قبل العلاج وبعده، وتنتهي المغامرة الوعرة بانتصار الأبطال، وبسيل من العناقات الحارّة. تنحو أجواء الشريط إلى ما يشبه الأفلام الترويجيّة لحملات الأممالمتحدة الإنسانيّة، فيها جرعة زائدة من الوجدانيات ستثير فضول كثيرين، وتحصد ربّما موجات تصفيق في الصالة، وهذا ما حصل بالفعل في "مهرجان دبي السينمائي 2009"، حيث نال العمل جائزة "المهر الذهبي" لأفضل وثائقي، أو في "أيام سينما الواقع Dox Box" في سورية حيث حصد جائزة الجمهور.